للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الأول فى الأحكام الواردة فى القرآن]

تقدم الكلام عن جية القرآن وعلم أنه عمدة الأحكام والمصدر الأول للتشريع قال تعالى: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ (١) وقال سبحانه: وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ (٢) والذى يجب التنبيه عليه أن تعريف القرآن للأحكام الشرعية أكثر كلى لا جزئى يعنى لا يختص بشخص دون شخص، ولا بحال دون حال، ولا زمان دون زمان، وأيضا مفصلا مستوعبا لشروط وأركان وموانع ما يطلب أو ما ينهى عنه، والدليل على ذلك الاستقراء (٣)، فهو محتاج إلى كثير من البيان والسنة على كثرتها وكثرة مسائلها، إنما هى بيان له


(١) سورة الأنعام الآية: ٣٨.
(٢) سورة النحل الآية: ٨٩.
هذا وقد استدل المنكرون للسنة بهاتين الآيتين وهو استدلال باطل، لأن معنى قوله تعالى: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ أن القرآن بيان لأمور الدين، إما بطريق النص أو بطريق الإحالة على السنة، وإلا لتناقضت هذه الآية مع قوله تعالى:
وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وكذلك المعنى فى قوله: وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ (مكانة السنة فى الإسلام للدكتور محمد أبو زهرة ٢٣).
(٣) الاستقراء: هو تصفح أمور جزئية ليحكم بحكمها على أمر كلى يشملها وهو نوعان.
(أ) تام: وهو تصفح جميع الجزئيات ليحكم بحكمها على كلى يشملها مثل قولنا:
كل إنسان ناطق، وهذا النوع يفيد القطع اتفاقا.
(ب) ناقص: وهو تصفح أغلب الجزئيات ليحكم بحكمها على كلى يشملها كقولنا:

<<  <   >  >>