للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه ومعه جماعة أرسله ملكهم في مطالبته، وأمر أعيان خوارزم فقتل كل واحد منهم رجلا من الخطا الذين صحبته، فلم يسلم منهم أحد، ونبذوا إلى ملك الخطا عهده. وبلغ ذلك سلطان شاه، فسار إلى ملك الخطا، واغتنم الفرصة بهذه الحال، فاستنجده على أخيه تكش. وقال له: إن أهل خوارزم يريدونه، ويختارون ملكه عليهم، ولو رأوه لسلموها إليه، فسير معه جيشًا كبيرًا من الخطا مع قوما، انضموا إليه، فوصلوا إلى خوارزم فحصروها، فأمر علاء الدين تكش بإجراء ماء جيحون عليهم، فكادوا يغرقون، فرحلوا، ولم يبلغوا منها غرضًا، وندموا على ما فعلوا، ولاموا سلطان شاه، وعنفوه، فقال لمقدمهم المسمى قوما: لو أرسلت معي جيشًا إلى مرو لاستخلصتها من يد دينار الغزي؛ فإنه استولى عليها منذ كانت فتنة الغزُ إلى الآن (١) فسير معه جيشًا، فنزل على سرخس (٢)، على غرة من أهلها، وهجم على الغز، فقتل منهم مقتلة عظيمة، وألقي دينار الغزي -ملكها- نفسه في خندق القلعة، فأُخرج منه، ودخل القلعة، وتحصن بها.

وسار سلطان شاه إلى مرو فملكها، وعاد الخطا إلى ما وراء النهر، وجعل سلطان شاه دأبه قتال الغز، والغزو (٣) فيهم، وانتهابهم. فلما عجز دينار عن مقاومته أرسل إلى نيسابور إلى طغان شاه بن المؤيد، يقول له أن يرسل إليه من يسلم له قلعة سرخس، فأرسل إليه جيشا مع أمير اسمه قراقوش، فسلم إليه دينار القلعة، ولحق بطغان شاه، فجمع جيوشه، وقصد سرخس، فلما التقى هو وسلطان شاه فرَّ طغان شاه إلى نيسابور، فأخلي قراقوش قلعة سرخس، ولحق بصاحبه، وملك سلطان شاه قلعة سرخس، ثم أخذ طوس (٤) [والزَام] (٥)، وضيق الأمر على طغان شاه بعلو همته واجتهاده وقلة قراره.

وكان طغان شاه يحب الدعة ومعاقرة الخمر، فلم تزل الحال كذلك إلى أن مات طغان شاه سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة (٦).


(١) وردت هذه الرواية بتقديم وتأخير في الكامل، جـ ١٠، ص ٣٩.
(٢) سرخس: مدينة قديمة من نواحي خراسان بين نيسابور ومرو. انظر: معجم البلدان، ج ٣، ص ٧١.
(٣) "القتل" في الكامل، ج ١٠، ص ٣٩.
(٤) طوس: مدينة بخراسان بينها وبين نيسابور نحو عشرة فراسخ. انظر: معجم البلدان، ج ٣، ص ٥٦٠ - ٥٦٣.
(٥) "الرَّام" في الأصل والمثبت من معجم البلدان، ج ٢، ص ٩٠٩؛ الكامل، ج ١٠، ص ٤٠ وهي إحدى كور نيسابور المشهورة.
(٦) إلى هنا توقف العينى عن النقل من الكامل، ج ١٠، ص ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>