للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالدين القيم، فاستوقدت النار، فما أضاءت لها نور الحياة ونور البصيرة، لم تنتفع بها، فعاقبها الله عقابا شديدا.

ذهب الله بنور أولئك المنافقين الذى طلبوه، ثم تركوه وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ [البقرة: ١٧] جزاء إعراضهم عن النور.

تركهم فى ظلمات نفوسهم المريضة بالنفاق، والبعد عن روح الدين، وإيذاء الجماعة بما يقذفونه من طعن فى الدين والأعراض، وظلمات حياتهم التى تضيق بهم، وتجعلهم فى قلق وخوف، وظلمات عقولهم، فلا يهتدون إلى صواب فى فهم آيات الله، والإحاطة بأسرارها، والعمل بموجباتها التى تحقق السعادة الدنيوية والأخروية، ظلمات بعضها فوق بعض، وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ [النور: ٤٠] فهم لا يبصرون شيئا من أسرار الحياة وعوامل النجاح فيها بعد أن حرمهم الله من النور الذى أعطاه للمتقين الذين فازوا برضا الله، ونزهوا قلوبهم ونفوسهم من النفاق والتبعية وعادات الجاهلية الأولى.

إن أمثال هؤلاء فى حياتنا ومجتمعاتنا الحاضرة لكثير، ممن فقدوا نور الهداية الدينية، وحرموا من الاهتداء بها، واستطاعوا بما أوتوه من أساليب خادعة أن يتسلقوا زمام الأمور، وأن يؤثروا فى مجرى الحياة، وأن تكون لهم كلمة مسموعة فى دنيا الناس والأحياء.

هذه صورة لأولئك المنافقين الذين كانوا يمثلون دورا تخريبيا فى المجتمع الإسلامى الجديد، وقد أعطانا المثل القرآنى والآيات السابقة ملامح أعمالهم، واتجاهاتهم فى تقويض دعائم الدعوة الجديدة، وتتضح الصورة أكثر وأكثر حينما تتم الآيات القرآنية فى ذلك المثل اللاحق، لتكتمل هذه الصورة فى ذلك التصوير المبدع فى قوله تعالى.

٢ - قال الله تعالى: أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [البقرة: ١٩، ٢٠].

فى هذا المثل تشبيه معجز لأولئك المنافقين الذين سيطر عليهم القلق والاضطراب، واستبدت بهم المخاوف والحيرة من الأمر، فهم حينما يلتقون بالمؤمنين يطلبون الهدى

<<  <   >  >>