للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(والسحر حق) يعني متحقق وقوعه ووجوده، ولو لم يكن موجوداً حقيقة لم ترد النواهي عنه في الشرع والوعيد على فاعله والعقوبات الدينية والأخروية على متعاطيه والاستعاذة منه أمراً وخبراً. وقد أخبر الله تعالى أنه كان موجوداً في زمن فرعون وأنه أراد أن يعارض به معجزات نبي الله موسى عليه السلام في العصا بعد أن رماه هو وقومه به بقولهم: إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ - إلى قوله - وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ [الشعراء:٣٤ - ٣٧] وقال تعالى عن السحرة: فَلَمَّا أَلْقَوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ [الأعراف:١١٦] وقال تعالى: فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الأَعْلَى وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى [طه:٦٦ - ٦٩] يقال إنهم كانوا سبعين ألفاً مع كل واحد منهم حبل وعصا فأخذوا بأبصار الناس بسحرهم وألقوا تلك الحبال والعصى فرآها الناس حيات عظاماً ضخاماً وذلك قوله تعالى: سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ وقوله: يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى قال الله تعالى: فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الأَعْلَى وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ [طه:٦٧ - ٦٩] يعني العصا تَلْقَفْ تبتلع مَا صَنَعُوا أي السحرة أي ما اختلقوا وائتفكوا من الزور التخييل، ولهذا قال تعالى في الآية الأخرى: فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ [الأعراف:١١٧] وهون الله أمرهم على نبيه موسى عليه السلام بقوله سبحانه: إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ مكره وخداعه وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى، فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ [الأعراف:١١٩] إلى آخر الآيات، وقد أخبر الله تعالى عن قوم صالح وكانوا قبل إبراهيم عليه السلام أنهم قالوا لنبيهم عليه السلام: إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ [الشعراء: ١٥٣] وكذا قام قوم شعيب له عليه السلام: إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ وقالت قريش لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم كما ذكر الله تعالى ذلك عنهم في غير موضع بل ذكر الله عز وجل أن ذلك القول تداوله كل الكفار لرسلهم فقال تعالى: كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ أَتَوَاصَوْا بِهِ [الذاريات:٥٢] الآية، وقال سبحانه في ذم اليهود: وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللهِ وَرَاء ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>