تناول القرآن الكريم بعض الموضوعات، كقصص الأنبياء والأمم بصورة مجملة، مقتصرا على مواضع العظة والاعتبار، دون تفصيل للجزئيات، فلا يعنى في قصة أهل الكف مثلا بأسمائهم، ولا باسم كلبهم وأنه قطمير، ولا باسم الملك الظالم في زمنهم، ولا بمكان وجودهم، ولا بهيئاتهم حين أفاقوا من سباتهم ونومهم، بعد ما يزيد على ثلاثة قرون، كل هذه الأمور وأمثالها قد نجد لها تفصيلا في التوراة والإنجيل، وهي من الأمور التي يجوز روايتها إذا كانت لا تخالف شريعتنا، فلا عجب إذا رأينا بعض الصحابة يسأل من أسلم من أهل الكتاب، من أمثال كعب الأحبار وعبد الله بن سلام وتميم الداري، وهكذا بدأ تسرّب الإسرائيليات في وقت مبكر في عهد الصحابة، ثم نشط هذا التسرب في عهد التابعين، فكانوا يسألون المتقدمين، ويسألون المسلمين من أهل الكتاب في زمنهم، من أمثال وهب بن منبه، وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، ولعل تفسير مقاتل بن سليمان هو من أصدق الظواهر في الاعتماد على الإسرائيليات في عهد التابعين، فمن قرأه يجد فيه العجب العجاب مما يصح روايته ومما لا يصح.
ثم ولع المتأخرون- بعد عهد التابعين- فحشوا تفاسيرهم بالإسرائيليات، بل الخرافات وأخص القصص القرآني، وما أورده من الخيالات التي لا يقرها شرع ولا عقل.
ويبدو أن هذه الظاهرة قد بدأت تخبو وتختفي من كتب التفسير المعاصرة فقد بدّد العلم كثيرا من الخيالات والأوهام، وأصبحت التفاسير نقية من شوائب الإسرائيليات، إلا في تفسير من في قلوبهم مرض وضغينة للإسلام.
[حكم التفسير بالإسرائيليات]
تنقسم الإسرائيليات باعتبار حكم الإسلام فيها إلى ثلاثة أقسام: