للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَتَابُعُ الوُفُودِ

ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَكَّةَ، وَقَضَى عَلَى الْوَثَنِيَّةِ فِيهَا، سَارَعَتِ الْقَبَائِلُ إِلَى اعْتِنَاقِ الْإِسْلَامِ، وَالدُّخُولِ فِيهِ.

رَوَى الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَمرِو بْنِ سَلَمَةَ الْجَرْمِيِّ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: كُنَّا بِمَاءٍ مَمَرِّ النَّاسِ، وَكَانَ يَمُرّ بِنَا الرُّكْبَانُ فَنَسْأَلُهُمْ: مَا لِلنَّاسِ، مَا لِلنَّاسِ؟ مَا هَذَا الرَّجُلُ؟ .

فَيَقُولُونَ: يَزْعُمُ أَنَّ اللَّه أَرسَلَهُ، أُوحِيَ إِلَيْهِ، أَوْ أَوْحَى اللَّهُ بِكَذَا، فَكُنْتُ أَحْفَظُ ذَلِكَ الْكَلَامَ، وَكَأَنَّمَا يُقَرُّ (١) فِي صَدرِي، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَلَوَّمُ (٢) بِإِسْلَامِهِمُ الفَتْحَ، فَيَقُولُونَ: اتْرُكُوهُ وَقَوْمَهُ فَإِنَّهُ إِنْ ظَهرَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ نَبِيٌّ صَادِقٌ، فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ أَهْلِ الْفَتْحِ بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلَامِهِم، وَبَدَرَ أَبِي قَوْمِي بِإِسْلَامِهِمْ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: جِئْتُكُم وَاللَّهِ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حَقًّا (٣).

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: لَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَكَّةَ، وَفَرَغَ مِنْ تَبُوكَ،


(١) قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (٨/ ٣٣٨) يُقرُّ بضم الياء وفتح القاف وتشديد الراء من القرار.
(٢) تَلَوّم: بفتح التاء واللام وتشديد الواو: أي ينتظر. انظر النهاية (٤/ ٢٣٨).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب (٥٤) - رقم الحديث (٤٣٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>