للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصحيح عندنا: هذا الأخير، لأن اللَّه تبارك وتعالى قال: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}، ثم قال: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ}، فوجب بالآية مسح ما كان عليه غسله.

فإن قال قائل: فقد يجوز أن تكون الذراعان أُسْقِطَتا في التيمم كما أسقط الرأس والرجلان.

قيل له: هذا غير سائغ، لأن الرأس أصله مسحٌ فرضُه فخُفِّف، فلما أُبدلتا لم يجعل الخفيف بدلًا من خفيف وأسقط، والرِّجْلان وإن كان فرضهما الغسل فقد خُفِّف بالمسح على الخفين، فلم يجز أن ينقل إلى خفيف، ثم ينقل من الخفيف إلى خفيف، والوجه واليدان أصلهما الغسل، فلما نقل إلى خفيف بقي الحكم على حاله، وكان التخفيف في المسح دون إسقاط العضو، واللَّه أعلم بما أراد من ذلك.

والرواية في ضربتين في الذراعين ومسحهما صحيحة غير مدفوعة، وقال مالك -رضي اللَّه عنه-: فمن تيمم إلى الكوعين أعاد في الوقت وأعاد الصلاة (١).

وأما قوله: "في الوقت" فاستحباب، وأظنه أجاز صلاة من فعل ذلك إذا خرج الوقت، إجلالًا للصحابة والقائلين به، وألا يَنْحَلَهم أنهم ما صلوا, واللَّه واسع الرحمة.

والتيمم عندنا لكل صلاة، وقد زعم العراقيون أنهم يتيممون لخمس صلوات، وفرقوا بين الخمس والستة (٢).


(١) المدونة (١/ ٤٣).
(٢) قال محمد بن الحسن في الحجة على أهل المدينة (١/ ٤٨): "قال أبو حنيفة -رضي اللَّه عنه- في رجل لم يجد الماء فتيمم لصلاة حضرت، ثم حضرت صلاة أخرى، أنه يصلي بتيممه ذلك، ما لم يحدث أو يجد الماء"، وحكى الجصاص الحنفي مذهبهم في هذا فقال "يصلي بتيممه ما شاء من الصلوات، ما لم يحدث أو يجد الماء"، ولم أجد من الأحناف من يحدد الصلوات في خمس.

<<  <  ج: ص:  >  >>