للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

تناقضهم حتى في الأصول.

والمقصود: أن مرتبة التحقيق في هذا الفن عزَّ وجودُها في القرون الوسطى، إلا الواحد بعد الواحد.

فأما القرون المتأخرة فصار هذا العلم نسيًا منسيًّا؛ لأن كلَّ فرقةٍ قنعت بما عندها في كتب مذهبها، وأقرت مخالفيها على ما عندهم في كتب مذهبهم. وضَعُف العلمُ جملةً، بل هُجِرت كتب السنة نفسها، فكم من كتاب من كتبها لا يوجد في مكاتب العالم منه إلا نسخة أو نسختان، ومنها ما فُقِد ألبته، إلا أنّ الاعتناء بالسنة في الجملة بقيت منه بقيّة في اليمن والهند، ثم في هذا القرن بدأ الناس يتراجعون إلى الاعتبار بالسنة شيئًا فشيئًا. ولله الحمد.

والناظرون في هذا الفن من أهل العصر فريقان:

فريق ليسوا من المعتنين بالسنة أصلًا، وإنما يضطرّ أحدُهم إلى تثبيت حديث أورده، فيتعاطى الكلام عليه.

وهؤلاء لا يُعْبأ بهم، ولا بغلطهم.

وفريق لهم عناية بالسنة في الجملة، وأكثرهم من يرى أنه إذا طالع بعضَ كتب المصطلح كـ"شرح ألفية العراقي"، و"شرح تدريب النواوي"، ثم حَصَلت له نسخةٌ من "تهذيب التهذيب"، ونسخة من "لسان الميزان" فقد أخذ بناصية الفن!

وهيهات هيهات العقيقُ وأهلُه ... وهيهاتَ خِلٌّ بالعقيق نُحاوله (١)


(١) البيت لجرير في "ديوانه" (ص ٣٨٥). وفيه:
فأيهات أيهات العقيقُ ومَن به ... وأيهات وصلٌ بالعقيق تواصله
وبسياق المؤلف في "الصحاح": (٦/ ٢٢٥٨)، و"اللسان": (١٣/ ٥٥٢).

<<  <   >  >>