للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وهذا القول أعني: إنكار الخالق، ليس عليه إلا شرذمة قليلة من الفلاسفة الدهريين، وليس له أي صدى لدى المسلمين، بل إن جُلَّ بني آدم يستنكرونه ويردونه، فإن جميع أصحاب الأديان على خلافه، وحتى الدول الشيوعية الملحدة في هذه الأزمان إنما ملاحدتها هم الساسة ومن دار في فلك أحزابهم. أما الشعوب التي تحت حكمهم فهم ما بين نصارى ويهود ومسلمين يقرون بالخالق ويدينون له بدين.

القول الثاني: الوجوديون.

الوجوديون هم القائلون بوحدة الوجود، وأساس مذهبم يقوم على قول القائلين من الملاحدة: إن أصل هذا العالم هو المادة ولا يوجد فيه إلا ما هو جسم، فركب عليه القائلون بوحدة الوجود: إن هذا العالم تشيع فيه قوة حية هذه القوة الحية هي الله تعالى عن قولهم وأنه منبث في هذا الكون في كل ذرة من ذراته وهو القوة المصرفة له (١).

وأول من ثبت عنه هذا القول برمنيدس (٢) ثم قال بهذا الرواقيون (٣) وعلى رأسهم زعيمهم زينون (٤) وميلوس، ثم من أخذ بهذا من الرومان واليهود


(١) انظر: موسوعة الفلسفة ١/ ٥٣٩، ٢/ ٦٢٥، مبادئ الفلسفة ص ١٧١.
(٢) برمنيدس الإلياني: فيلسوف يوناني له قصيدة في الطبيعة، ادعى فيها التوحيد المطلق وعدم التغير وأزلية كل شيء كان نحو ٥٤٠ - ٤٥٠ ق. م. المنجد ص ١٢٧.
(٣) الرواقيون: نسبة إلى الرواق، الذي اتخذه زينون مقراً له يجتمع فيه مع أصحابه في أثينا، فسموا رواقيين والرواقية فلسفة أخلاقية، ومن قولهم القول بوحدة الوجود. انظر: الموسوعة الفلسفية (ص ٢١٤).
(٤) زينون الأيلي هو مؤسس مذهب الرواقية وكان حياً ما بين ٤٩٠ - ٤٣٠ ق. م. الموسوعة الفلسفية (ص ٢٢٦)

<<  <   >  >>