للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذَلِك بِالْإِجْمَاع دون أَن يكون هُنَاكَ مُسْتَند مَقْبُول عِنْد التَّحْقِيق لهَذَا الْإِجْمَاع المزعوم؟.. وَلَو أَن فَضِيلَة الشَّيْخ - وفقنا الله وإياه - سلك الطَّرِيق الَّذِي سلكه بعض الْعلمَاء، وَهُوَ قَول أحدهم عِنْدَمَا يتَعَرَّض للْكَلَام على مَسْأَلَة لَا يعلم فِيهَا خلافًا لأحد فَيَقُول: "حكم هَذِه الْمَسْأَلَة كَذَا من غير خلاف نعلمهُ"؛ - فيقيد ذَلِك بِعَدَمِ علمه - لَكَانَ خيرا لَهُ، وَصدق الإِمَام أَحْمد رَحمَه الله إِذْ يَقُول: "من ادّعى الْإِجْمَاع فقد كذب، وَمَا يدريه لَعَلَّ النَّاس اخْتلفُوا".

ثمَّ إِن فَضِيلَة الشَّيْخ - هداه الله - لم يُوضح لنا على أَي شَيْء انْعَقَد هَذَا الْإِجْمَاع من الْأَحْكَام الثَّلَاثَة؛ إِذْ إِنَّه اكْتفى بقوله: "وَهَذَا أَيْضا مجمع عَلَيْهِ"، وَالْإِشَارَة هُنَا تعود إِلَى الْحَالة الثَّانِيَة - حسب تَعْبِيره - الَّتِي شرحها فضيلته بِأَنَّهَا (زِيَارَة الرَّسُول وَالسَّلَام عَلَيْهِ بِدُونِ شدّ رحال) ؛ فقرر أَن هَذِه الزِّيَارَة مجمع عَلَيْهَا، وَلَكِن أَعلَى أَنَّهَا وَاجِبَة أَو مُسْتَحبَّة أَو مُبَاحَة؟..

لَا ندرى؛ فَأَي فَائِدَة من ذكر هَذَا الْإِجْمَاع الَّذِي لم يبين على أَي شئ انْعَقَد؟..

ثمَّ نسْأَل الشَّيْخ هَل ورد على لِسَان المشرع صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كلمة (زِيَارَة فلَان من الْمَوْتَى) ؟.. الَّذِي أعتقد أَن الْجَواب بِالنَّفْيِ؛ إِذْ إِن الَّذِي ورد على لِسَانه عَلَيْهِ السَّلَام.. زِيَارَة الْقُبُور أَو الْمَقَابِر أَو الْقَبْر فَقَط، كَقَوْلِه - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم-: " كنت نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور فزوروها؛ فَإِنَّهَا تذكركم الْآخِرَة"، وَقَوله: "لعن الله زوارات الْقُبُور"، وَقَوله: " اسْتَأْذَنت رَبِّي فِي زِيَارَة قبر أُمِّي"، وَهَكَذَا ... فالتعبير بزيارة فلَان الْمَيِّت تَعْبِير عَامي غوغائي بدعي لَا يَلِيق بطلبة الْعلم؛ فليتنبه لذَلِك من يحب الِاتِّبَاع وَيكرهُ مَا سواهُ".

<<  <   >  >>