للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شدّ الرحل لزيارة قبر الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَشْرُوعَة أَو مُبَاحَة؟.. وَمَا الدَّافِع وَالْحَامِل على هدا اللف والدوران يَا فَضِيلَة الشَّيْخ؟.. هَل الْأمة وَاقعَة فِي مشكلة صعبة تحاول أَنْت إِيجَاد حل لَهَا وسبيل لخروجها من هَذِه المشكلة؟..

لَا دَاعِي لهَذَا يَا فَضِيلَة الشَّيْخ، أُمُور الدّين وَاضِحَة جلية، وَسنة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد تَركهَا بَيْضَاء نقية، لَا تشتبه على من قصد الْحق بتجرد وإخلاص، وَلَا تَلْتَبِس لَا فِي كلياتها وَلَا فِي جزئياتها على من ولى وَجهه شطر كتاب الله وَسنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِنَّمَا الَّذِي يحدث المشاكل ويسبب البلبلة هَذِه الفلسفات وَتلك التأويلات والتحريفات لنصوص الْكتاب وَالسّنة لتوافق مَذْهَب فلَان وتؤيد رأى عَلان، وَإِلَّا كَيفَ يتَصَوَّر أَن عَالما من عُلَمَاء الْأمة الإسلامية يَدعِي مَشْرُوعِيَّة شئ من غير دَلِيل من كتاب أَو سنة أَو إِجْمَاع أَو قِيَاس صَحِيح؟.. مَا الَّذِي يحملهُ على ذَلِك؟.. هَل يشْعر بِأَن فِي دين مُحَمَّد عَلَيْهِ السَّلَام نقصا يُرِيد أَن يكمله؟..

والْخُلَاصَة:

أننا نقُول ونعتقد جازمين مائَة على مائَة أَن كل شئ ينفعنا عِنْد الله إِذا التزمنا بِهِ وعملنا بِمُقْتَضَاهُ قد بَينه لنا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أتم وأكمل بَيَان، فَلَا مَكَان فِي الدّين لزِيَادَة، وَلَا مجَال فِيهِ لفلسفة أَو معادلة يُرَاد من وَرَائِهَا استنباط شرعيات قد خفيت على سلف الْأمة وأئمتها.

أما الْمَعْنى الصَّحِيح للْحَدِيث فَهُوَ الَّذِي فهمه أَصْحَاب رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَضي الله عَنْهُم - بِدُونِ إِجْرَاء معادلة وَبِدُون تكلفة وتمحل، وَهُوَ الَّذِي بَيناهُ فِيمَا سبق من هَذَا الْبَحْث؛ فَلَا نعيده.

وَقَالَ فَضِيلَة الشَّيْخ بعد سِيَاقه الْكَلَام الَّذِي تقدم:

(وجهة نظر) ، ثمَّ قَالَ تَحت هَذَا العنوان: "وبالتحقيق فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وإثارة النزاع فِيهَا يظْهر أَن النزاع والجدال فِيهَا أَكثر مِمَّا كَانَت تحْتَمل، وَهُوَ إِلَى الشكلي أقرب مِنْهُ إِلَى الْحَقِيقِيّ، وَلَا وجود لَهُ عملياً".

ونناقش فَضِيلَة الشَّيْخ فَنَقُول:

١- هَذَا اتهام صَرِيح للْعُلَمَاء إِمَّا فِي عُقُولهمْ وأفهامهم، وَإِمَّا فِي مقاصدهم وأغراضهم؛ إِذْ مادام أَن الْجِدَال شكلي كَمَا تَقولُونَ، وَالْخلاف فِيهَا صوري لَا وجود لَهُ فِي الْوَاقِع؛ فَمَا الَّذِي حملهمْ على هَذَا النزاع الطَّوِيل العريض؟ ثمَّ من الْمُتَّهم يَا فَضِيلَة الشَّيْخ بإثارة الْجِدَال وتطوير النزاع الَّذِي لَيْسَ تَحْتَهُ من الْحَقِيقَة شَيْء؟.. نَحن وجدناك فِي بحثك تميل إِلَى الرَّأْي الْمُخَالف لما ذهب إِلَيْهِ ابْن تَيْمِية فِي هَذِه الْمَسْأَلَة، فَهَل هُوَ الْمُتَّهم فِي نظركم؟..

٢- مادام أَن الْجِدَال فِي هَذِه الْقَضِيَّة صوري لَا حَقِيقَة لَهُ، فَمَا الَّذِي دعَاك إِلَى أَن تكْتب صفحات عديدة، وتنفق وقتك وجهدك فِي الْبَحْث وَالتَّحْقِيق والتدليل وَالتَّعْلِيل، وَالتَّرْجِيح والمقارنة وإجراء المعادلات وَنقل الإجماعات الْخَاصَّة والعامة؟.. لِمَ لمْ توفر على نَفسك هَذِه الجهود وَهَذَا الْوَقْت الثمين، وتبدي وجهة نظرك هَذِه مسبقاً فتستريح وتريح؟..

<<  <   >  >>