للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الَّتِي قَامَ بهَا شيخ الْإِسْلَام ومجدده مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب، وَقَامَ بنصره وحمايته أُمَرَاء آل سعود رحم الله أسلافهم وَبَارك فِي أخلافهم ووفقهم لحماية دين الْإِسْلَام من عَبث العابثين وَكيد الكائدين.

أما إِن كَانَ مُرَاد الشَّيْخ السَّلَام على النَّبِي - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - الَّذِي أَمر الله بِهِ الْمُسلمين بقوله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} ، وَالَّذِي يعنيه الْمُصْطَفى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين يَقُول: "من صلى عليَّ مرّة وَاحِدَة صلى الله عَلَيْهِ بهَا عشرا"، وَالَّذِي يردده الْمُسلم فِي كل صَلَاة مَفْرُوضَة أَو راتبة أَو نَافِلَة ضمن التَّشَهُّد الْمَفْرُوض؛ فَيَقُول: "السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته"، وَالَّذِي يَأْتِي بِهِ الْمُسلم كلما دخل مَسْجِدا من الْمَسَاجِد أَو خرج مِنْهُ؛ فَيَقُول: "بِسم الله وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على رَسُول الله"، وَكَذَلِكَ كلما ذكر الْمُسلم نبيه أَو سمع ذكره قَالَ: "صلى الله عَلَيْهِ وَسلم" ... إِن هَذَا النَّوْع من السَّلَام هُوَ الَّذِي يعنيه فَضِيلَة الشَّيْخ فَلَيْسَ صَحِيحا أَن هَذَا السَّلَام مَا كَانَ يَوْمًا من الْأَيَّام إِلَّا من دَاخل الْمَسْجِد النَّبَوِيّ، بل إِن هَذَا السَّلَام يمارسه الْمُسلم فِي كل مَكَان وَفِي كل مُنَاسبَة، وَلم يكن يَوْمًا من الْأَيَّام مَقْصُورا على مَكَان من الْأَمْكِنَة.

وَإِن كَانَ فضيلته يرى أَن هُنَاكَ نَوْعَيْنِ من السَّلَام على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَحدهمَا عَام فِي كل مَكَان؛ فِي الصَّلَاة، وَعند دُخُول الْمَسَاجِد، وَعند ذكره عَلَيْهِ السَّلَام، وَالْآخر خَاص بِالْمَسْجِدِ النَّبَوِيّ، وَأَنه هُوَ الَّذِي يعنيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله: "مَا من أحد يسلم عَليّ ... " الحَدِيث؛ فليقدم لنا دَلِيله على ذَلِك، وَله منا الشُّكْر، وليعلم فضيلته من جَدِيد أننا لَا نقبل من أحد أَن يَقُول على الله وَرَسُوله وَدينه بِلَا علم وَلَا برهَان؛ إِذْ يَقُول تَعَالَى: {آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} ، {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} ، {إِنْ هِيَ إِلا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} ، وَيَقُول النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " من أحدث فِي أمرنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رد"، وَيَقُول: "من عمل عملا لَيْسَ عَلَيْهِ أمرنَا فَهُوَ رد "، وَيَقُول عَلَيْهِ السَّلَام: "عَلَيْكُم بِسنتي.." إِلَى قَوْله: " وكل محدثة بِدعَة وكل بِدعَة ضَلَالَة وكل ضَلَالَة فِي النَّار".

النَّاحِيَة الثَّالِثَة: وَكَيف علم الشَّيْخ أَن السَّلَام على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - الَّذِي يُشِير إِلَيْهِ قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: "مَا من أحد يسلم عَليّ إِلَّا رد الله عَليّ روحي فأرد عَلَيْهِ السَّلَام" - كَيفَ علم الشَّيْخ - وَفقه الله - أَن هَذَا السَّلَام مَا كَانَ يَوْمًا من الْأَيَّام إِلَّا من دَاخل الْمَسْجِد قبل وَبعد إِدْخَال الْحُجْرَة فِيهِ؟.. وَمن أَيْن علم فضيلته أَن الْمُسلمين مُنْذُ ألف وَأَرْبَعمِائَة سنة إِلَى يَوْمنَا هَذَا نزَّلوا هَذَا الحَدِيث على السَّلَام عِنْد الْقَبْر فِي دون غَيره؟.. وَأَنَّهُمْ مجمعون على ذَلِك وَلم يُخَالف مِنْهُم أحد؟.. وماذا يَقُول عَن الصَّحَابَة الَّذين لم يرد أَن أحدا مِنْهُم يسلم على النَّبِي عِنْد الْقَبْر مَا عدا عبد الله بن عمر؟.

ثمَّ هَل عَاشَ فضيلته ألف وَأَرْبَعمِائَة سنة حَتَّى يرى مَاذَا فعل كل مُسلم عَاشَ على وَجه الأَرْض مُنْذُ

<<  <   >  >>