ثانيا: أنه لا كيف ولا معنى أي: لا نكيف هذه الصفات؛ لأن تكييفها ممتنع لما سبق، وليس مراده أنه لا كيفية لصفاته؛ لأن صفاته ثابتة حقا، وكل شيء ثابت فلا بد له من كيفية، لكن كيفية صفات الله غير معلومة لنا، وقوله ولا معنى أي: لا نثبت لها معنى يخالف ظاهرها كما فعله أهل التأويل، وليس مراده نفي المعنى الصحيح الموافق لظاهرها الذي فسرها به السلف، فإن هذا ثابت ويدل على هذا قوله: ولا نرد شيئا منها بما وصف به نفسه.
يعني: نثبت المعنى، والكيفية هي التي لا نعلمها. (لا معنى) يعني: لا نثبت معنى يخالف الظاهر (لا كيف لا معنى) الكيفية مجهولة، ولا معنى يخالف الظاهر كما يفعله أهل التأويل الذين يؤولونها بما يخالف ظاهرها.
ولا نزيل عنه صفة من صفاته لشناعة شنعت، ولا نعلم كيفية كنه ذلك، فإن نفيه لرد شيء منها ونفيه لعلم كيفيتها دليل على إثبات المعنى المراد منها.
ثالثا: وجوب الإيمان بالقرآن كله محكمه -وهو ما اتضح معناه- ومتشابهه -وهو ما أشكل معناه- فنرد المتشابه إلى المحكم؛ ليتضح معناه، فإن لم يتضح وجب الإيمان به لفظا وتفويض معناه إلى الله تعالى.