للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: العدل هو الإنصاف، ويدخل فيه إنصاف المرء من نفسه لغيره في الحقوق والأمانات، ومن نفسه لنفسه فيما يكون حقّا عليه من شكر نعم الله، وأن لا يعبد غيره، وأن لا يصف الله بما لا يليق به من الصفات.

قوله تعالى: {(وَالْإِحْسانِ)} يدخل في ذلك المتفضّل على الغير، إما بالمال، وإما بالمعاشرة الجميلة من قول أو فعل، أو إكرام أو بحسب. قوله تعالى: {وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى؛} أي صلة الأرحام.

قوله تعالى: {وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ؛} فالفحشاء:

الزّنى، والمنكر: الشّرك، والبغي: الظّلم والكبر. وقيل: الفحشاء: ما عظم قبحه من قول أو فعل، سرّا كان أو علانية، والمنكر: ما يظهر للناس، فيجب إنكاره، والبغي:

الاستطالة والظلم.

وقيل في معنى الآية: إنّ الله يأمر بالعدل: بالتوحيد، والإحسان: الإخلاص، وقيل: الإحسان أن تعبد الله كأنّك تراه. وقيل: الإحسان العفو عن الناس، وقيل:

العدل: استواء السرّ والعلانية، والإحسان: أن تكون سريرته أحسن من علانيته، والفحشاء والمنكر: تكون علانيته أحسن من سريرته.

روي عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قرأ على الوليد: {(إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)} فقال: يا ابن أخي أعد عليّ، فأعاد عليه فقال: إنّ له لحلاوة وإنّ عليه لطلاوة، وإنّ أعلاه لمورف وإنّ أسفله لمغدق، وما هو بقول البشر (١).قوله تعالى: {يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (٩٠)؛معناه يأمركم بثلاث أن تفعلوهنّ، وينهاكم عن ثلاث؛ لتنتهوا عنهنّ لعلكم تتّعظون بما تؤمرون، وتحترزون عن التقصير.


(١) حكاه القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٠ ص ١٦٥؛وقال: (وذكر الغزنويّ أن عثمان ابن مضعون هو القارئ).وقصة عثمان بن مضعون أسندها ابن أبي حاتم في التفسير: الرقم (١٢٦٣٣ و ١٢٦٣٤) عن ابن عباس ولم يذكر فيها قول الوليد.

<<  <  ج: ص:  >  >>