للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأخبره القصّة، فأنزل الله هذه الآية، فقال له صلّى الله عليه وسلّم: [كيف وجدت قلبك؟] قال:

مطمئنا بالإيمان، فقال صلّى الله عليه وسلّم: [إن عادوا فعد] (١).

وقوله عليه السّلام: [إن عادوا فعد] على جهة الإباحة والرّخصة دون الإيجاب، فإنّ المكره على الكفر إذا صبر حتى قتل كان أعظم لأجره، والإكراه السماح لإجراء كلمة الكفر على اللّسان، وهو أن يخاف التلف على نفسه، أو على عضو من أعضائه إن لم يفعل ما أمر به.

قوله تعالى: {وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً،} أي فسح صدره للكفر بالقبول وأتى به على الاختيار، {فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ} (١٠٦) قيل: إنّها نزلت في أبي سرح القرشي رجع إلى الشرك، وباح بالكفر ولحق بمكّة.

قوله تعالى: {ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ؛} أي ذلك العذاب بأنّهم اختاروا الحياة الدّنيا على ثواب الآخرة، {وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ} (١٠٧)؛إلى جنّته وثوابه.

قوله تعالى: {أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ} (١٠٨)؛قد تقدّم تفسيره.

قوله تعالى: {لا جَرَمَ أَنَّهُمْ؛} أي حقّا {فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخاسِرُونَ} (١٠٩)؛أي خسروا أنفسهم.

قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا؛} نزلت في قوم بمكّة بعد هجرة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلى المدينة، ثم إنّهم هاجروا إلى المدينة من بعد ما عذبهم أهل مكة، {ثُمَّ جاهَدُوا وَصَبَرُوا؛} مع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فصبروا على الجهاد، فوعدهم الله المغفرة لما كان فيهم من التخلّف عن الهجرة.


(١) في الدر المنثور: ج ٥ ص ١٧٠؛قال السيوطي: (أخرجه عبد الرزاق وابن سعد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل).وأخرجه الطبري في جامع البيان: الحديث (١٦٥٦٣).والحاكم في المستدرك: كتاب التفسير: الحديث (٣٤١٣)،وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.

<<  <  ج: ص:  >  >>