الأمر، بل والظاهر، إذ لو كان لنُقِل. وأمّا قولهم:«الدليل إذا تطرَّقَه الاحتمال سقط به الاستدلال» فليس هذا منه.
فإن قيل: هذا قبل تحريم الكلام في الصلاة.
قلنا: لسنا في الكلام، بل نحن في تغيير النظم، إذ قد يقال: إن تغيير النظم أشدُّ من الكلام الأجنبيّ. وسيأتي بحث الكلام إن شاء الله.
فإن قيل: قد نُسِخ جواز صلاة السكران.
قلنا: نعم، ولكن لم يُنسَخ جواز صلاة من غيَّر النظمَ غيرَ مُتعمِّدٍ، مع أنهم في تلك الصلاة كان التخليط بسببهم؛ إذ الشربُ باختيارهم؛ فصحّة صلاة من خلّط بغير سببٍ منه من باب أولى.
فإن قيل: فإنّما كان نسخ صلاة السكران بسبب التخليط.
قلنا: هذا لا يدل على بطلان الصلاة تلك ولا ما بعدها، فإنه إنما هو تحريم الصلاة مع وجود سبب التخليط، بل سبب ( ... )(١) مُبطل، فإذا وقع سبب آخر للتخليط ليس باختيار المخلّط فهو معذور فيه، مع أنّ التخليط الذي في الحديث فظيعٌ في نفسه، وأمّا المخلِّط فمعذورٌ.
فإن قيل: لم يعد القارئ لتصحيح القراءة؟
قلتُ: ليست القراءة واجبةً حتى تبطل الصلاة لبطلانها، إذِ الواجبُ في مذهبه الفاتحة، وفي مذهب غيره هي وثلاث آياتٍ في عموم الصلاة، وقد قرأ سورة الأعلى في الركعة الأولى، مع أنَّ التخليط هنا لم يكدْ يغيِّر المعنى، ومع ذلك فالحديث لم يرد فيه إعادته القرآن.