للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولنا ما روي أن الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - تذاكروا لحم الصيد في حق المحرم، فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " لا بأس به "، واللام فيما روي لام تمليك فيحمل على أن يهدى إليه الصيد دون اللحم، أو معناه أن يصاد بأمره.

ــ

[البناية]

وقال صاحب " التنقيح ": عمرو بن أبي عمرو تكلم فيه بعض الأئمة، لكن روى عنه مالك، وأخرج له البخاري ومسلم في " صحيحهما ": والمطلب بن عبد الله ثقة، إلا أنه لم يسمع من جابر فيما قيل، والعجب من الأترازي أنه ذكر هذا الحديث في معرض الاستدلال لمالك، ولم يذكر أن لفظه ما ذكره المصنف يخالف ما ذكره أصحاب السنن في صدر الحديث. وأعجب منه أنه قال له قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: " «صيد البر لكم حلال ... » الحديث، ثم قال: رواه الترمذي، وصاحب السنن، ولم ينبه على صاحب السنن من هو، والترمذي أيضًا صاحب السنن.

م: (ولنا ما روي أن الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - تذاكروا لحم الصيد في حق المحرم، فقال - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لا بأس به» ش: هذا رواه محمد بن الحسن الشيباني في كتاب " الآثار ": أخبرنا أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - عن محمد بن المنكدر، عن عثمان بن محمد، عن طلحة بن عبيد الله - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «قال: تذاكرنا لحم الصيد بأكلها لمحرم، والنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نائم فارتفعت أصواتنا فاستيقظ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: " فيما تتنازعوا؟ " فقلنا: في لحم الصيد يأكلها المحرم، فأمرنا بأكله ... » انتهى. وهو يخالف لفظ ما ذكره المصنف، فإن قوله: لا بأس به، يخالف قوله فأمرنا من حيث اللفظ، وإن كانا في الحقيقة بمعنى واحد، على أن الفرق بين اللفظين ظاهر من حيث الظاهر على ما لا يخفى.

م: (واللام فيما روي لام تمليك) ش: هذا جواب عن الحديث الذي رواه مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وأراد باللام في قوله: أو يصيد له، فزعم المصنف أنه لام تمليك. م: (فيحمل على أن يهدى إليه الصيد دون اللحم) ش: لأن تمليك الصيد إنما يتحقق فيما أهداه إلى المحرم لا فيما أهدي إليه اللحم؛ لأن اللحم يسمى صيدًا حقيقة، فاقتضى الحديث حرمة تناول الصيد على المحرم، وبه نقول لإحرامه أكل لحمه إذا لم يكن بإذنه. م: (أو معناه أن يصاد بأمره) ش: أي أو أن يكون بمعنى أو يصيد له بأمره، فحينئذ يحرم.

واعلم أن هذا الحديث روي بالرفع أيضًا، أو يصاد له كما رواه أصحاب " السنن " على ما ذكرناه الآن فحينئذ لا تمسك لمالك بهذه الرواية لا يقتضي الحل إذا صاده غيره لأجله؛ لأنه صار معطوفًا على المعنى لا على الغاية، ومع هذا فهذا الحديث ضعيف ضعفه يحيى بن معين، والنسائي، والترمذي.

<<  <  ج: ص:  >  >>