للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَعِيد تفزع لَهُ الْقُلُوب وترتدع النُّفُوس، واستمع إِلَى الْقُرْآن فِي وعده يَقُول: {يَا عبَادي لاخوف عَلَيْكُم الْيَوْم وَلَا أَنْتُم تَحْزَنُونَ الَّذين آمنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسلمين ادخُلُوا الْجنَّة أَنْتُم وأزواجكم تحبرون يُطَاف عَلَيْهِم بصحاف من ذهب وأكواب وفيهَا مَا تشتهيه الْأَنْفس وتلذ الْأَعْين وَأَنْتُم فِيهَا خَالدُونَ. وَتلك الْجنَّة الَّتِي أورثتموها بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ لكم فِيهَا فَاكِهَة كَثِيرَة مِنْهَا تَأْكُلُونَ} (١) وعد يبْعَث الرَّجَاء ويحفز على الْعَمَل، وَكَذَلِكَ كَانَ مَنْهَج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرْبط الْقُلُوب بِالآخِرَة وَنَعِيمهَا وثوابها الدَّائِم وَهَذَا فَارق بَينه وَبَين المناهج والأنظمة المادية الَّتِي ترْبط الْفَرد بالثواب الْمَحْدُود، لَكِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جمع بَين خيري الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَهُوَ يُعْطي من الدُّنْيَا عَطاء من لَا يخْشَى الْفقر ويعِد بِثَوَاب عَظِيم وَأجر جزيل فِي الْآخِرَة. ورد فِي الحَدِيث ((أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأعْطَاهُ غنما بَين جبلين فجَاء إِلَى قومه فَقَالَ: يَا قوم أَسْلمُوا فَإِن مُحَمَّدًا يُعْطي عَطاء من لايخشى الْفقر)) (٢) وَقد أعْطى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم من غَنَائِم حنين المَال الْكثير الَّذِي كَانَ سَببا فِي إسْلَامهمْ وحبهم للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَدينه حَتَّى أَن صَفْوَان بن أُميَّة قَالَ: ((وَالله لقد أَعْطَانِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ماأعطاني وَإنَّهُ لأبغض النَّاس إِلَيّ، فَمَا برح يعطيني حَتَّى إِنَّه لأحب النَّاس إِلَيّ)) (٣)

هَكَذَا كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يؤلف الْقُلُوب ويعالج الْقُلُوب، وَهُوَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يفعل ذَلِك بحكمة وَيُعْطِي بحكمة وَيجْعَل الدُّنْيَا طَرِيقا


(١) سُورَة الزخرف: الْآيَة / ٦٨ - ٧٣.
(٢) أخرجه مُسلم فِي صَحِيحه ك: الْفَضَائِل ب: مَا سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا قطّ فَقَالَ: لَا وَكَثْرَة عطائه (٤/١٨٠٥) ح: ٢١٣٢.
(٣) انْظُر صَحِيح مُسلم ك: الْفَضَائِل ب: مَا سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا قطّ فَقَالَ: لَا (٤/١٨٠٦) ح: ٢٣١٣.

<<  <   >  >>