للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذي وصف أمره، باجتناب خلتين مما نهاه الله عنه في حجه دون الثالثة التي هي مقرونة بهما.

ولكن لما كان معنى الثالثة مخالفا معنى صاحبتيها = في أنها خبر على المعنى الذي وصفنا، وأن الأخريين بمعنى النهي الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن مجتنبهما في حجه مستوجب ما وصف من إكرام الله إياه مما أخبر أنه مكرمه به - إذ كانتا بمعنى النهي- (١) وكان المنتهي عنهما لله مطيعا بانتهائه عنهما = ترك ذكر الثالثة، (٢) إذ لم تكن في معناهما، وكانت مخالفة سبيلها سبيلهما.

* * *

فإذ كان ذلك كذلك، فالذي هو أولى بالقراءة من القراءات المخالفة بين إعراب "الجدال" وإعراب "الرفث والفسوق"، ليعلم سامع ذلك - إذا كان من أهل الفهم باللغات- أن الذي من أجله خولف بين إعرابيهما اختلاف معنييهما.

وإن كان صوابا قراءة جميع ذلك باتفاق إعرابه على اختلاف معانيه، إذ كانت العرب قد تتبع بعض الكلام بعضا بإعراب، مع اختلاف المعاني، وخاصة في هذا النوع من الكلام.

فأعجب القراءات إلي في ذلك - إذ كان الأمر على ما وصفت - قراءة من قرأ:" فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج"، برفع"الرفث والفسوق" وتنوينهما، وفتح"الجدال" بغير تنوين. وذلك هو قراءة جماعة البصريين، وكثير من أهل مكة، منهم عبد الله بن كثير وأبو عمرو بن العلاء. (٣)

* * *

وأما قول من قال: معناه: النهي عن اختلاف المختلفين في أتمهم حجا،


(١) في المطبوعة: "إذا كانتا بمعنى النهي" وهو خطأ والصواب ما أثبت.
(٢) في المطبوعة: "وترك ذكر الثالثة" وهذه الواو مقحمة من النساخ بلا شك. وسياق هذه الجملة بطولها: "ولكن لما كان معنى الثالثة مخالفا معنى صاحبتيها. . .، إذا كانتا بمعنى النهي، وكان المنتهى عنهما لله مطيعا بانتهائه عنهما. . . ترك ذكر الثالثة" وبهذا يتبين صواب التصحيح في لموضعين السالفين.
(٣) انظر تفصيل ذلك مستوعبا في معاني القرآن للفراء ١: ١٢٠- ١٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>