للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فرحا، ثم تموت. فلا هي ولا أسلافها قد فكرن في هذه العملية، ولا هي تعلم ماذا يحدث لصغارها، أو ان هناك شيئا يسمى صغارا .. بل انها لا تدري انها عاشت وعملت لحفظ نوعها.

والنحل والنمل يبدو انها تدرك كيف تنظم وتحكم نفسها، فلها جنودها، وعمالها، وعبيدها، ويعاسيها (١). ولكنك إذا التقطت قطعة كهرمان على شاطئ البلطيق، فقد تجد بها نملة محبوسة منذ دهور لا تعد. وستجدها نسخة طبق الاصل من النمل الموجود الان. فهل وقف التطور عن سيره حين طوبق بين النملة وبيئتها في الطبيعة؟ وهل كان ذهن النملة


(١) - قال الامام على كرم الله وجهه في وصف النملة (من كتاب نهج البلاغة):
(انظروا إلى النملة في صغر جثتها، ولطافة هيئتها، لا تكاد تنال بلحظ البصر، ولا بمستدرك الفكر، كيف دبت على ارضها وصبت على رزقها، تنقل الحبة إلى جحرها، وتعدها في مستقر لها، تجمع في حرها لبردها، وفي ورودها لصدرها، مكفولة برزقها، مرزوقة بوفقها، لا يغفلها المنان، ولا يحرمها الديان، ولو في الصفا اليابس، والحجر الجامس، ولو فكرت في مجاري أكلها، في علوها وسفلها، وما في الجوف من شراسيف بطنها، وما في الرأس من عينها وأذنها، لقضيت من خلقها عجبا، ولقيت من وصفها تعبا .. فتعالى الذي أقامها على قوائمها، وبناها على دعائمها، لم يشركه في فطراته فاطر، ولم يعته في خلقها قادر).
(المترجم).

<<  <   >  >>