(انظروا إلى النملة في صغر جثتها، ولطافة هيئتها، لا تكاد تنال بلحظ البصر، ولا بمستدرك الفكر، كيف دبت على ارضها وصبت على رزقها، تنقل الحبة إلى جحرها، وتعدها في مستقر لها، تجمع في حرها لبردها، وفي ورودها لصدرها، مكفولة برزقها، مرزوقة بوفقها، لا يغفلها المنان، ولا يحرمها الديان، ولو في الصفا اليابس، والحجر الجامس، ولو فكرت في مجاري أكلها، في علوها وسفلها، وما في الجوف من شراسيف بطنها، وما في الرأس من عينها وأذنها، لقضيت من خلقها عجبا، ولقيت من وصفها تعبا .. فتعالى الذي أقامها على قوائمها، وبناها على دعائمها، لم يشركه في فطراته فاطر، ولم يعته في خلقها قادر). (المترجم).