ان التطور لابد له، طبقا لكل قانون من قوانين الطبيعة، والكيميا، من ان يقصر اقصى حدوده على أكثر ما يمكن من المطابقة البيئة. يقال ان جمال ريش أحد الطيور انما هو اظهار للجاذبية الجنسية، وبذا يمكن تفسيره، ولكن الرسم الجميل ليس ضرورياً لوجود الانسان، وان تكن المرأة الجميلة لازمة لهذا الوجود .. ان المادة، كالذرات والصخور والماء، قد تتحد، واذا نفخت فيها الحياة، فقد تتطور إلى انسان. ولكن ايمكن هذه العناصر، بعد إذ أتمت المطابقة الكاملة للبيئة الطبيعية، ان تقطع مرحلة اخرى، وتنتج رجلا موسيقيا يستطيع ان يكتب الأنغام الموسيقية (النوتات) على الورق، ويسجل تناسقها البديع، ويصنع بيانو، ويخلب الباب الجمهور المستمع، ويدع موسيقاه تسجل على أقراص من البلاستيك، وتذاع حول العالم عن طريق وسيط يسمى (الأثير) ولا تعرف الذرات شيئا عنه سوى انها توجد فيه أو بوساطته؟
ان بعض أنواع الحيوانات تتعاون في جهودها، فهي لاتصطاد إلا في جماعات، وهي تجمع غذاءها وتخزنه للمستقبل، وهي تضاعف جهودها الفردية بطرق شتى بفضل العمل المشترك، ولكنها لا يبدو انها تخطو خطوة واحدة بعد ذلك.
أما الإنسان فانه من جهة أخرى قد شيد الاهرام بمضاعفة القوة الفردية، ولكنه كذلك اكتشف الرافعة