للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:

رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، قَالَت: كُنَّا نغطي وُجُوهنَا من الرِّجَال، وَكُنَّا نمتشط قبل الْإِحْرَام، وَقَالَ الْحَاكِم على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيّ فِي التَّلْخِيص، قلت: إِذا أمعنت النّظر فِي هَذِه النُّصُوص، وأنصفت فَسَوف يظْهر لَك الْحق وَاضحا جليا إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَهَكَذَا الْأَمر والشأن فِي الصَّلَاة تَمامًا فَلَا يَنْبَغِي للْمَرْأَة الْمسلمَة أَن تكشف وَجههَا فِي الصَّلَاة أَمَام الرِّجَال، وَأما إِذا صلت مَعَ النِّسَاء بعيدَة عَن الرِّجَال فَلَا بَأْس أَن تصلي وَهِي كاشفة الْوَجْه وَالْأَمر فِي ذَلِك سهل ميسور بِحَمْد الله تَعَالَى.

وَأما قَول سيد قطب رَحمَه الله تَعَالَى: "هَؤُلَاءِ كلهم-أَي الَّذين ذكرُوا فِي الْآيَة- مَا عدا الْأزْوَاج لَيْسَ عَلَيْهِم، وَلَا على الْمَرْأَة جنَاح أَن يرَوا مِنْهَا، إِلَى مَا تَحت السُّرَّة إِلَى الرّكْبَة، لانْتِفَاء الْفِتْنَة الَّتِي من أجلهَا كَانَ السّتْر والغطاء، فَأَما الزَّوْج فَلهُ رُؤْيَة كل جَسدهَا بِلَا اسْتثِْنَاء" ١.

قلت: هَذَا الَّذِي ذكره رَحمَه الله تَعَالَى مَعَ جهاده الطَّوِيل فِي سَبِيل الْحق قد أَخطَأ فِيهِ، وَهُوَ أَنه لَا يجوز لذِي محرم أَن يطلع من ابْنَته، أَو أُخْته، أَو أمه، أَو خَالَته، أَو نَحْوهَا على سَاقيهَا أَو ثدييها أَو نحرها أَو بَطنهَا، بل جَازَ لَهُ أَن ينظر إِلَى مَا كَانَ مكشوفا مِنْهَا فِي اللبَاس الشَّرْعِيّ الْمَعْرُوف، وَأما غير ذَلِك فَهُوَ حرَام على الْأَب، وَالْأَخ أَو نَحْوهمَا أَن يطلعا وينظرا إِلَى مَا أَشَارَ إِلَيْهِ السَّيِّد قطب رَحمَه الله تَعَالَى فَإِنَّهُ قد جَازَ إِلَى ذَلِك نظرا للْعُرْف الْمصْرِيّ الَّذِي تسير فِيهِ الْمَرْأَة الْمسلمَة شبه عَارِية كَمَا لَا يخفى على أحد، وَقد سبق أَن ذكرت رِوَايَة ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة وَهِي أَنَّهَا تبدي قرطاها، وقلادتها، وسوارها ونحرها لمن دخل عَلَيْهَا فِي بَيتهَا وَأما خلْخَالهَا، ومعضدها، ونحرها وشعرها فَإِنَّهَا لَا تبديه إِلَّا لزَوجهَا.

قلت: فَالْأَمْر فِيهِ وَاضح بَين إِن شَاءَ الله تَعَالَى لمن كَانَ لَهُ قلب واع، وَفهم ثاقب، ورأي سديد، وَالله هُوَ الْمُسْتَعَان والموفق وَصلى الله وَسلم وَبَارك على عَبده، وَرَسُوله مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا.

كتبه وحرره

العَبْد الضَّعِيف عبد الْقَادِر حبيب الله السندي

فِي ١٨-٦-١٣٩٥هـ

وبيض مرّة ثَانِيَة ١٩-١-٩٦هـ.


١ ظلال الْقُرْآن ٩٧/١٨.

<<  <