للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الألوهية فكرة البشرية كما فعل كونت) (١).

ومن أراد المزيد من أمثلة الهذيان والكره العميق للدين، والانحراف المتزمت، فليقرأ هذه الأسطر التي تنبيء عن حجم التفاهة العقلية التي تردى إليها بعض أبناء البلاد الإسلامية، ففي مقال في مجلة الناقد للكاذب الليبي المسمى "الصادق النيهوم" بعنوان لغة الموتى يتحدث عن "عالم الغيب" ومما قاله: (. . . كلمة "العالم الآخر" التي نحتها الكثهة من لغة الناس، لم تكن كلمة، بل كانت "عالمًا آخر مجهولًا بأكمله" له ثلاث صفات جديدة مجهزة عمدًا على مقاس السحرة:

الصفة الأولى: أنه عالم غائب عن عيون الناس، لا يعرف أسراره أحد، سوى الكاهن الذي يتكهن بأسرار الغيب، وهي مغالطة شفوية بحتة لكنها ضمنت للكهنة، أن يحتكروا تفسير الشرائع حتى الآن.

الصفة الثانية: إنه عالم حي، لكن بوابته الوحيدة تقع وراء الموت، مما يخي عمليًا أن مستقبل الأحياء يبدأ -فقط- بعد أن يموتوا.

الصفة الثالثة: أنه عالم خارج عن سنن الطبيعة، تنطق فيه الأصنام وترتاده التنانين المجنحة، لكنه هو العالم الحقيقي؛ لأنه أزلي وخالد، وهي صياغة تريد أن تقول -فقط- إن عالم الناس والأحياء ليس عالمًا حقيقيًا) (٢).

ثم يستمر في هذيانه ليصل إلى ما أسماه لغة الدين الذي أسس حسب زعمه لغة جديدة ومفهومًا جديدًا هي لغة الإنسان الحي (فكلمة "عالم الغيب" في لغة الإنسان الحي، تعني -حرفيًا- عالم المستقبل؛ لأن المستقبل هو العالم الوحيد الغائب، الذي يعرفه الناس الأحياء، ويوقنون بوجوده، دون أن يروه، ويعلمون أنه آت ويتحملون مسئوليته شرعًا، وقد التزم الدين بهذا التفسير الحي، ورفض كل تفسير سواه وجعله شريعة إلهية،


(١) المثقفون العرب والغرب لهشام شرابي: ص ١٧.
(٢) مجلة الناقد، عدد ٨، فبراير ١٩٨٩ م/ ١٤٠٩ هـ: ص ١٠، وكتابه المسمى الإسلام في الأسر: ص ٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>