للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سياق قصائده حشرًا يدل على مقدار ما بلغ به محاولة إثبات العالمية والتواصل مع الغرب، وتأكيد العصرية، لنيل مراتب المديح والشرف من الغربيين وعملائهم في المنطقة.

وقد تحدث إحسان عباس عن استعمال السياب للرموز الوثنية من تموز وغيره، وتبريرات السياب لذلك، وخاصة فيما يتعلق بالهوية التي يحتويها إطلاق هذه الرموز والتحدث بها، في مقابل الرموز الإسلامية، أو حتى العربية الجاهلية، ولذلك حاول أن يسمى الأوثان البابلية والفينيقية تسمية عربية، ليسترضي القوميين، ويبرأ من تهمة اقتلاع العرب وربطهم بغيرهم، فقال -في معرض دفاعه- بأن عتشار هي العزى، واللاتو هي اللات وتموز هو ود، إلى آخر ما هناك من اعتذارية باهتة.

ثم ذكر المؤلف الحوافز التي جعلته يتعلق بهذه الأسماء والرموز، ومنها ميله إلى المراضاة والتلون الحربائي في الفكر والعقيدة حسب الجو الذي يعيش فيه، فهو لما انفصل عن الشيوعيين والتحق بالقومية فكرًا، ثم التصق بمجموعة شعر ذات الفكر الفينيقي النصراني، تلون معهم باللون نفسه وانغمس في الرموز الوثنية، إلى حد أنه يأتي بأسطر مفتعلة ليس فيها إلا مقارنات ذهنية ومبالغات ممجوجة وتعبيرات نابية (١).

وكتب أحد الحداثيين مقدمة طويلة لديوان السياب ذكر فيها استخدام الرموز الوثنية، وأسباب ذلك، مع شرح مسهب وتبريرات مطولة لتسويغ استخدام الأساطير والوثنيات في صيغة جاهلية يتظاهر صاحبها بالعلم والمعرفة، ولكن الأوثان وسدنتها وأتباعها في تباب وضلال وسخف في العقول وتردٍ في المفاهيم (٢).


= ولسبوس وسافو ونرسيس وتنتلوس: ص ١٩٢ - ١٩٣، وهرقل: ص ٤٠٥، والسيرين: ص ٢٧٣، وبعل وسيزيف: ص ٣٢٥، ٣٩١، وأوديب وأمه جوكست: ص ٥١١، وافروديت: ص ٥١٤، وفاوست وهيلين: ص ٥١٥، وأبولو: ص ٥١٦، وأسطورة صينية: ص ٣٥٥.
(١) انظر: كتاب بدر شاكر السياب دراسة في حياته وشعره لإحسان عباس: ص ٣٠٣ - ٣٢١.
(٢) انظر: مقدمة ديوان البياتي التي كتبها ناجي علوش (ن ن) و (ج ج ج) إلى (هـ هـ هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>