للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"عشتار" ملاكًا، وأضفى عليها صفات الإنبات والإحياء، وجعلها رمزًا للتقدم والتطلع والانبعاث الجديد، وكأني بأي أديب أو ناقد غربي يقرأ هذه المقطوعة وأشباهها يقول هذه بضاعتنا ردت إلينا.

يقول البياتي:

(. . . بين نهديها الصغيرين، وفي أحشائها رعشة بركان يثور

حيث تنشق البذور

ترضع الدفء من الأعماق تمتد جذور

لتعيد الدم للنبع وماء النهر للبحر الكبير

والفراشات إلى حقل الورود

فمتى عشتار مع العصفور والنور تعود؟) (١).

ثم يصف تجوله وبحثه عن عشتار أو عن الحقيقة، في عصور القتل والإرهاب والسحر، وهي العصور الأولى ومنها عصر الإسلام بل حتى عصر النبوات الأولى، ثم عصر موت الآلهة، وهو نموذج من خلفياته الوثنية اليونانية والفينيقية القائمة على أن الآلهة تأكل وتنام وتزني وتموت، وغير ذلك.

ثم يشير إلى الإسلام بصراحة في عبارة "قبلت قبور الأولياء"، ثم يتجه نحو السماء وهي رمز للربوبية والألوهية، فيذكر أنه سأل ودعا، ولكن السماء -ويريد بها اللَّه تعالى وتقدس- أمطرته بعد ألف دعاء وصلاة جمودًا يتمثل في الثلج، ودمارًا يتمثل في الدماء، وجهلًا وتخلفًا يتمثل في النبوات والملائكة المرموز لها بقوله: "ودمى عمياء من طين، وأشباح نساء" ثم يسأل "متى تنهل كالنجمة عشتار؟ " متى تأتي لتنقذه من الدين ومن السماء ومن النبوات؛ لأن عشتار عنده بمثابة ملَكُ الحب وفي يدها الإنقاذ والرحمة والحياة الهانئة!!، وهذا بعض ما كان يعتقده الكفار الأوائل في آلهتهم،


(١) ديوان البياتي ٢/ ٢٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>