للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ينتقل البياتي ليصف مقدار الوجد الوثني الذي وصل إليه عندما آمن بعشتار، في عبارات صوفية وثنية، يذكر أن روحه ذاقت حلو النبيذ، واستطعمت الروابي الخضراء والمطاط والزنجبيل، واستروحت رائحة الورد، بل يؤكد أنه رأى اللَّه بعينيه -تعالى اللَّه وتقدس- حينما تعرف على عشتار، وهذا يتضمن إحدى معاني: إما أنه يريد أنه أيقن إثر إيمانه بعشتار أن اللَّه غير موجود فعبر عن ذلك بأنه رأى اللَّه ولم يملك على الرؤيا دليل، وهذا يتضمن الجحد والإنكار.

وإما أنه يريد أن عشتار تحولت عنده وصارت هي اللَّه، تعالى ربنا وتقدس، وهي معاني متقاربة في اللفظ والهذر الوثني، وثمار مرة تتساقط من أشجار أرتوت بمشتقات الوثنية، ونمت على ظفاف المقاهي والبارات والملاهي، ثم جيء بها لتتكاثر وتشيع في حياتنا بأساليب غريبة وطرائق عجيبة، في زي أستاذ أو مفكر أو أديب أو شاعر أو أديب أو كاتب أو فنان أو ناقد أو إعلامي إلى غير ذلك مما يرى ويسمع في منتديات ومجامع ذات فحيح وجعجعة:

(دعهم، فكم قُطعت رقابهم … جدعًا، ولم يشعروا ولا أبهوا

قد مزجوا بالنفاق فامتزجُوا … والتبسوا في العيان واشتبهوا

وما لأقوالهم إذا كشفت … حقائق بل جميعها شبه) (١)

يقول البياتي في وصف غرامه الصوفي الوثني بعشتار:

(من ترى ذاق فجاعت روحه حلو النبيذ

وروابي القارة الخضراء والمطاط والعاج وطعم الزنجبيل

وعبير الورد في نار الأصيل

ورأى اللَّه بعينيه، ولم يملك على الرؤيا دليل


(١) لزوم ما لا يلزم للمعري ٢/ ٦٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>