للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فكان الناس يميلون إلى أحسنهم صوتًا، فقال عمر: ألا أراهم قد اتخذوا القرآن أغانِيَ؟ أما والله لئن استطعتُ لأغيِّرنَّ هذا. قال: فلم يمكث إلا ثلاثَ ليالٍ حتى أمر أُبيٍ بن كعب فصلَّى بهم. ثم قام في آخر الصفوف فقال: لئن كانت هذه بدعةً فنعمتِ البدعةُ هي". فهذا ــ والله أعلم ــ من باب قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} [الزخرف: ٨١] (١).

والظاهر أن الذين كانوا يصلّون فرادى دخلوا في الجماعة؛ لئلّا يُشوِّش عليهم قارئُ الجماعة، وقد يكون بقي منهم من يُصلِّي على الانفراد.

وفي "مختصر كتاب قيام الليل" لمحمد بن نصر (ص ٩٦) (٢): "شعبة عن أشعث بن سليم: أدركتُ أهلَ مسجدنا يُصلِّي بهم إمام في رمضان، ويُصلُّون خلفه، ويُصلِّي ناس في نواحي المسجد لأنفسهم فرادى، ورأيتهم يفعلون ذلك في عهد ابن الزبير في مسجد المدينة.

شعبة عن إسحاق بن سويد: كان صفُّ القرّاء في بني عديّ في رمضان: الإمامُ يصلّي بالناس، وهم يصلّون على حِدَةٍ.

وكان سعيد بن جبير يصلي لنفسه في المسجد، والإمامُ يصلي بالناس.

وكان ابن أبي مُليكة يصلي في رمضان خلف المقام، والناسُ بَعْدُ في سائر المسجد من مصلٍّ وطائفٍ بالبيت.

وكان يحيى بن وثّاب يصلِّي بالناس في رمضان، وكانوا يصلّون لأنفسهم وُحدانًا في ناحية المسجد.


(١) الزيادة من "فهذا" إلى هنا من النسخة اليمنية.
(٢) من طبعة الهند. والنصوص الآتية كلها منه.

<<  <   >  >>