للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا أظل سحابُها لم ينتقع

منه صدى لِجَهامه الغرّار

غاراتها ما تنقضي وأسيرها

لا يفتدى بجلائل الأخطار

كم مُزدهي بغرورها حتى بدا

متمردا متجاوز المقدار

قلبَتْ له ظهر المجن وأولغت

فيه المُدى ونَزَت لأخذ الثار

فاربأ بعمرك أن يمر مضيَّعا

فيها سُدى من غير ما استظهار

واقطع علائق حُبّها وطلابها

تلق الهدى ورفاهة الأسرار

وارقُب إذا ما سالمتْ من كيدها

حرب العِدى وتوثب الغدّار

واعلم بأن خُطوبها تفجا ولو

طال المدى وزنت سرى الأقدار

فهذه القصيدة إذا اقتطعت منها الجزء الأخير صارت مثل ما أشرنا في أول الحديث هكذا:

يا خاطب الدنيا الدنيـ

ـة إنها شرك الورى

دار متى ما أضحكت

في يوما أبكت غدا

وإذا أظل سحابها

لم ينتقع منه صدى

غاراتها ما تنقضي

وأسيرها لا يفتدى

وهكذا إلى آخر الأبيات التي مرت بك.

وهذه القصيدة يمكن أن تكون شاهدا لما أشرنا إليه من ذم الحريري للدنيا وتقلباتها.

والآن لست أدري بم نسمي هذه السرقة، هل هي سرقة شرعية أو أنها سرقة شعرية غير شرعية؟ المهم أنها ليست من السرقات الشعرية الاصطلاحية الملحقة بفن البديع، وإن كانت بديعة؛ أعني طريفة في نفسها؛ لأنهم يشترطون الانتقال من جيب شاعر إلى جيب شاعر آخر، لكن هذا ربما جاز أن يسمى بالبديع الصوري؛ فهو كما رأيت يهتم بالصورة والإتيان بالطرائف فيها، وله قدرة في التشكيل وإخراج أفانين القول وتقليب الأساليب.

وبعد: