وعندنا هنا طرفان واضحان الهدية حلال مشروعة نافعة مرغب فيها، والرشوة حرام ممنوعة ضارة منهي عنها، وبينهما نوع من العطاء في صور يتردد النظر فيها هل يلحقها بالهدية أم يلحقها بالرشوة، ن من ذلك على سبيل المثال:
١- تعاقدت مع إنسان على عمل بقدر معلوم إلى أجل معلوم فأنجزه إليك قبل أجله، أو قام به على أحسن ما كنت تتوقعه فطابت نفسك وأعطيته شيئا مقابل ذلك.
فلا بأس به؛ لأنه يعتبر من ضمن الأجر ومن المكافأة على الإحسان بالإحسان، وإنما دفعت ما دفعته في مقابل نفع ذلك دون مضرة على غيرك، وهو قدم إليك من المعروف ما ليس واجبا عليه، فكانت منكما معارضة إحسان بإحسان.
٢- أعطيت إنسانا لك عنده معاملة في جهة من الجهات، وهو مسؤول عنها وعن غيرها، وذلك ليسرع لك في إنجازها، أو هو من نفسه أسرع في إنجازها دون أن تعطيه، فطابت نفسك عن شيء فأعطيته إياه.
وهنا ينظر في كيفية الإسراع لما أعطيته ابتداء منك: هل كان على حساب تأخير معاملات الآخرين أم هو ضمن نطاق عمله وفي نطاق المعتاد؟ فإن كان على حساب تأخير الآخرين فهذا ألصق بالرشوة، بل إنك ستغريه وتدفعه إلى تعطيل المعاملات الأخرى حتى يتقدم إليه أصحابها بمثل ما تقدمت أنت إليه به.
وإن كان في نطاق عمله وليس على حساب تأخير معاملات الآخرين فلأي شيء دفعت؟ ولأي شيء هو أخذ؟ ولكنها أخفّ مما قبلها إلا إذا كانت ستجعله يتطلع إلى مثل ذلك منك أو من غيرك؛ فتمنع سدا للذريعة.