للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبعد هذا كله ما زلنا نجد بعض الناس يقولون بأنه لم يرد نص صريح في تحريم الخمر فلم يأت: حرمت عليكم الخمر. كما جاء في القران: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} .

ونقول لهؤلاء: إن تحريم الخمر في القران تحريم قاطع لا شك فيه ولا يصح الجدال حوله بل إن قول الله سبحانه {فَاجْتَنِبُوهُ} أقوى وأبلغ واشد تحريماً مما لو قال سبحانه وتعالى: حرمت عليكم الخمر، بل إنه حرم حملها والجلوس على مائدة يتناول فيها الخمر. والجلوس مع من يتناولها. والاقتراب منها بأي شكل كان.

يلاحظ مثلاً ومنذ بدء الخليقة أن الحق سبحانه حين قال لآدم كل من كل شيء في الجنة ولا تأكل من هذه الشجرة.

قال لآدم وحواء وهو يأمرهم بالامتناع عن الأكل من الشجرة المحرمة {وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} لم يقل لهما: لا تأكلان من هذه الشجرة وإنما قال لا تقربا هذه الشجرة.

ما الفرق بين أن يقول سبحانه وتعالى لا تأكل من هذه الشجرة. وأن يقول لا تقربا هذه الشجرة؟

فكأن محارم الله يجب أن يبتعد عنها وعن نطاقها. لا تقترب أبداً لأن القرب منها قد يغري الإنسان بها قد تفتح باب الشيطان في الإنسان فيقع في المعصية.

إذن لا تقربا هذه الشجرة أبلغ وأشد في الإحتياط من لا تأكلا منها، لأنه، إذا كان الله سبحانه وتعالى قد قال: لا تأكلا، لكان من الممكن أن يذهب الإنسان إلى الشجرة ويجلس بجوارها ويتغزل في محاسنها وينظر إلى ثمارها بحسرة ولكنه لا يأكل منها وحينئذ لا يكون مخالفاً لأمر الله، ولكن الله سبحانه وتعالى أراد أن يجنب البشر ذلك الذي يقربهم من المعصية وتفتح في نفوسهم باب الشيطان.

ومن هنا حين قال لآدم وحواء لا تقربا هذه الشجرة كان يعني لا تقربا منها ابدأ - لأن القرب منها بداية المعصية وفتح الباب أمام هوى النفس وإغراء الشيطان، ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه.