للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٩- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بلغ عمراً أن فلانا باع خمراً، فقال: قاتل الله فلانا، ألم يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قاتل الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها " [١١١] .

وجه الدلالة من الحديث على تحريم الحيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن اليهود كما في الحديث الذي رواه أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما [١١٢] ، وذلك لاستحلالهم ما حرم الله عليهم بحيلة ظاهرها أنهم انتفعوا بالشحم فجملوه وقصدوا بذلك أن يزول عنه اسم الشحم ثم انتفعوا بثمنه بعد ذلك لا بما أذيب من الشحم وصار ودكا لئلا يحصل الانتفاع بما كان أصله حراما مبالغة منهم في البعد عن الحرام بطريق الحيلة، ومع خروجهم بهذه الحيلة من ظاهر التحريم من هذين الوجهين فقد لعنهم الله عز وجل ولعنهم رسوله صلى الله عليه وسلم على هذا الاستحلال نظرا إلى المقصود الذي أرادوه، فإن ما حكمه التحريم لا يختلف المائع منه عن الجامد، والبدل يأخذ حكم المبدل.

قال الخطابي في معالم السنن: "في هذا الحديث بيان بطلان كل حيلة يحتال بها للتوصل إلى المحرم، وأنه لا يتغير حكمه بتغير هيئته وتبديل اسمه " [١١٣] .

وقال ابن حجر في الفتح: " وفيه إبطال الحيل والوسائل إلى المحرم " [١١٤] .

ويكفي هذا القدر من الأحاديث الدالة على تحريم الحيل، فقصدنا ضرب الأمثلة والشواهد، وليس قصدنا في بحثنا هذا الاستقصاء فهذا بحر واسع يصعب غوره، ويطول وأما الإجماع فقد أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم على تحريم الحيل، وتقرير هذا الإجماع من عدة وجهه: