أشاعت الدولة العباسية بأنها دولة عدل ومحاربة جور، وأنه سيكون من خلفائها مهدي يملأ الأرض عدلاً، وعزوا ذلك إلى أحاديث مروية عن الرسول عليه السلام وقد جمع ابن أبي شيبة عدداً منها في مصنفه منها أنه "لن تنتهي الدنيا حتى يبعث الله رجلاً من أهل بيتي يواطىء اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي"(١) والمقصود الإشارة إلى الخليفة المهدي محمد بن عبد الله إلى درجة أن المهدي الذي يخرج في الناس قيدت الروايات وقتذاك خروجه بأنه بعد قتل محمد النفس الزكية (٢) , أي وفق ترتيب الأحداث التاريخية المعروفة فالخليفة المهدي جاء بعد انتهاء ثورة النفس الزكية.
ولم يأت المصنف بمرويات في أخبار الدولة الأموية والدولة العباسية عدا ما أشير إليه سواء في أبواب المصنف أو في كتبه التاريخية المضافة إليه وقد يعود ذلك إلى طبيعة مؤلفه الأساس وهو في الحديث ثم أن تاريخ الدول وعهود الحكام لم يشع التأليف فيه كثيراً وقتذاك مثلما اشتهر التأليف في موضوعات كتبه التاريخية.
القبائل والأنساب:
لم يفت المصنف ذكر أخبار بعض الأحلاف والقبائل العربية مثل قريش وقيس وبني عامر وبني عبس وثقيف وبجيلة والمهاجرين والأنصار والعرب عامة. وتوضح هذه جانباً ثم أنسابهم ومكانتهم في الدولة الإسلامية ومواقف بعضهم من أحداثها ومشاركتهم في الفتوح والإدارة ونحوهما. وقد أثنى الرسول عليه السلام على كثير من صفاتهم أو مواقفهم أو دعا لهم مثل ثنائه على جهينة وأسلم وغفار وغيرها وقد توسع الإمام مسلم في ذلك , فهو يذكر عن بني أسد أنه شهد ألفان منهم معركة القادسية وكانت لهم راية خاصة بهم.
كما كانت قيس مقدم جيش مسلمة بن عبد الملك في قتال الترك في بعض ثغور أرمينية (٣) .
وقد اهتم مؤرخو الأنساب بهذه المرويات عند التاريخ لأنساب هذه القبائل ولهذا فإن مصنف ابن أبي شيبة من المصادر المبكرة لكتب الأنساب، وقد رجع البلاذري إليه فيما يتعلق بنسب بعض بيوت قريش (٤) .