ويمكن أن يضاف إلى هؤلاء جماعة أخرى من قراء المدينة المشهورين كأبي جعفر يزيد بن القعقاع المخزوميّ المدنيّ (١٣٠ هـ) وابن جماز المدنيّ (١٧٠ هـ) وإسماعيل بن جعفر الأنصاريّ المدنيّ (١٨٠ هـ) .
ولا شك في أن هناك كثيراً من علماء العربية في المدينة لم يصلنا خبرهم، واندثر علمهم مع ما اندثر من التراث العربيّ، للأسباب التي صدّرت بها هذا الفصل.
وأختتم هذا الفصل برواية غريبة رواها السيوطيّ عن شيخه الكافيجيّ تفيد أن أول من وضع علم التصريف العربي أو بذرته الصحابيّ الجليل معاذ بن جبل الأنصاريّ (١٨ هـ) .
قال السيوطيّ:"وأما التصريف فقد ذكر شيخنا العلامة محي [الدين] الكافيجيّ - رحمه الله - في أول كتابه شرح القواعد أنّ أوّل من وضعه معاذ ابن جبل - رضي الله عنه -".
وليس لهذه الرواية ما يعضدها فيما جاء في كتب التراث، ولم يؤثر عن معاذ بن جبل شيء في العربية، ليحمل على هذا أو يحمل هذا عليه، ولم يكن علم التصريف قد نشأ في ذلك الزمن المبكر، وإنما هو سهو محض من الكافيجيّ، ولعله أراد معاذ بن مسلم الهراء فذهل عنه، ولهذا قال السِيوطيّ في حديثه:"ولم تطمئن النفس إلى ذلك، وسألته عنه لما قرأته عليه، وما مستنده في ذلك، فلم يجبني بشيءٍ ولم أقف على سند لشيخنا في ذلك".
ثم رجّح السيوطيّ أن معاذاً هو معاذ بن مسلم الهراء (١٨٧هـ) وأشار إلى ما يفيد أن شيخه الكافيجيّ خلط بين المعاذين، وهو الراجح عندي.
---
(١) مراتب النحويين ٥٥.
(٢) ينظر: معجم الأدباء٥/٢١٥٠.
(٣) ينظر: المزهر ٢/٤١٤.
(٤) إنباه الرواة ٢/١٧٢.
(٥) مراتب النحويين ١٥٦.
(٦) ينظر: البيان والتبيين ١/١٤٦.
(٧) شرح اللمع لابن برهان ١/١، ينظر: إنباه الرواة ٢/١٧٢.