ولورود هذا الفعل في القرآن والحديث والشّعر قال الفيّوميّ:"وما هذه سبيله فيجوز القول بقلّة الاستعمال ولا يجوز القول بالإماتة "[٢٠١] .
وأرى أنّ ما قاله النّحاة صحيح، فالماضي من هذا الفعل ممات، كما قالوا، وقد يظهر الممات في الاستعمال، على قلة، كما ظهر هذا الفعل في قراءةٍ وشعرٍ وحديثٍ؛ فيكون هذا من باب إحياء الممات عند الحاجة، كما سيأتي بيانه في الباب الرابع.
أمّا ماضي الفعل الآخر (وَذَرَ) فهو من الممات عند أكثر اللّغوييّن، فلا يقال: وذرته، ولكن يقال يذرُ وذَرْهُ، قال الخليل:"والعرب أماتت المصدر من يَذَرُ والفعل الماضي، واستعملته في الحاضر والأمر، فإذا أرادوا المصدر قالوا: ذَرْهُ تركاً، أي اتركه "[٢٠٢] .
ويرى بعضهم أنّه قد يستعمل على قلّة، قال الفيّوميّ:"وربّما استعمل الماضي على قلّة، ولا يستعمل منه اسم فاعل "[٢٠٣] .
ب - إماتة المضارع دون غيره:
أي أن يستعمل الماضي والأمر ويمات المضارع، ولم أجد لهذا النّوع شاهداً، وسبب ذلك فيما أرى أنّ استعمال فعل الأمر يقتضي - في الغالب - استعمال الفعل المضارع؛ لأنّ الأمر مقتطع من المضارع المجزوم بحذف حرف المضارعة، فثمّة تلازم بين المضارع والأمر، وقد يمات المضارع إذا أميت الماضي، فتكون الإماتة حينئذ للمضارع والماضي معاً، كما سيأتي في الفقرة (د) .
جـ – إماتة الأمر دون غيره:
أُميت الأمر - فيما نقدّر - في بعض الأفعال، نحو مازال وأخواتها، وهنّ أربعة: زال وفتئ وبرح وانفكّ، ويشترط في عملهنّ النّفي [٢٠٤] .
قال الأزهريّ:"يقال: مازال يفعل كذا وكذا، ولا يزال يفعل كذا؛ كقولك ما برح، وما فتئ، وما انفكّ، ومضارعه: لا يزال؛ ولا يُتكلّم به إلا بحرف نفي "[٢٠٥] .
ولا يستعمل منه فعل الأمر، وكذلك في أخواتها: ما فتئ وما برح وما انفكّ [٢٠٦] ، ولعلّ فعل الأمر من هذه الأفعال من الممات.