وأميت الأمر في بعض أفعال المقاربة نحو كادَ وأَوْشَكَ على الصّحيح، [٢٠٧] أو الرجح، حكى الجوهريّ مضارع طَفِقَ، قال:"طَفِقَ يفعل كذا يطفَق طفوقاً ... وقال بعضهم طفَقَ - بالفتح - يطفِق طفوقاً "[٢٠٨] وحكى الكسائيّ مضارع جعل [٢٠٩] .
ويعمل الماضي والمضارع من هذه الأفعال، نحو كاد ويكاد، وأوشك ويوشك وطَفِق يطفِقُ وجعل يجعل، تقول مثلاً: يَطفِق الحجيجُ يعود إلى بلاده، ولم يستعمل الأمر من هذه الأفعال فقد يكون مهملاً من الأصل، وقد يكون مماتاً.
د - إماتة الماضي والمضارع دون الأمر:
أميت الماضي والمضارع من قولهم: هَاتَى يُهَاتِي، وبقى منه الأمر، وهو: هاتِ، قال الخليل:"المُهاتاة من قولك: هاتِ، يقال: اشتقاقه منه هاتى، الهاء فيه أصليّة، ويقال: بل الهاء في موضع قطع الألف من آتي يؤاتي، ولكن العرب أماتوا كلّ شيء من فعلها إلا هاتِ في الأمر، وقد جاء قوله:
لله ما يُعْطِي وما يُهَاتِي
أي: ما يأخذ " [٢١٠] .
ومثل ذلك في "التهذيب "[٢١١] و"اللّسان "[٢١٢] .
ومنه في القرآن:{قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُم}[٢١٣] .
وقيل: إن (هاتِ) اسم فعل، كما سيأتي بعد قليل.
وقالوا في النّداء: تعالَ؛ أي: اعلّ، ولا يستعمل في غير الأمر [٢١٤] ، وهو بمعنى الارتفاع، قال عز وجل {فَقُلْ تَعَالَوا نَدْعُ أَبْنَاءَنا وَأَبْنَاءَكم ونِسَاءَنا ونِسَاءَكم وأَنْفُسَنَا وأَنْفُسَكُم ثمَّ نَبْتَهِل فَنَجْعَل لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الكَاذِبِين}[٢١٥] .
والأصل في هذا الفعل أنه من مادة (العلو) من التّعالي، بمعنى الارتفاع وعلى هذا فإنّ وزن تعالَ:(تفاعَ) حذفت لامه للجزم.
والعرب تقول في النّداء للرّجل: تعالَ أو تعالَه - بها السّكت، وللاثنين: تعاليا، وللرّجال: تعالَوا، وللمرأة تعالَيْ، وللنّساء: تعالَينَ، وهم لا يبالون إن كان المدعو في مكان أعلى من مكان الدّاعي، أو في مكان دونه [٢١٦] .