قال الخليل:"وأماتوا هذا الفعل سوى النداء"[٢١٧] يعني سوى الأمر، وفي هذا نظر؛ فقد جاء الماضي من هذا الفعل في القرآن بكثرة كقوله عز وجلّ {تَعَالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُون}[٢١٨] و {تَعَالى عَمّا يَقُولُون عُلُوّاً كبيراً}[٢١٩] وقوله {عُلُواً} ليس مصدر (تعالى) .
و (هات) و (تعالَ) فعلا أمر على الرّاجح؛ لأن اسم الفعل لا تبرز فيه ضمائر الرّفع على مذهب الجمهور، فلماّ برزت هذه الضمائر معهما دلّ ذلك على أنّهما ليسا من أسماء الأفعال، وقد عدّهما بعض العلماء من أسماء الأفعال، قال ابن هشام:"وأما هاتِ وتَعالَ فعدّهما جماعة من النّحويين في أسماء الأفعال، والصّواب أنّهما فعلا أمر، بدليل أنّهما دالان على الطّلب، وتلحقهما ياء المخاطبة، تقول: هاتِي وتعالَيْ "[٢٢٠] .
ويلحق بهذين الفعلين (هَلُمَّ) على لغة بني تميم إذ تلحقها الضّمائر البارزة، بحسب ما أسندت إليه، فتقول: هَلُمَّ، وهلمّا، وهلمّوا، وهَلْمُمْنَ، بفكّ الإدغام وسكون الّلام، وهَلُمِّي، وهي عند هؤلاء فعل أمر لدلالتها على الطلب وقبولها ياء المخاطبة، وقد أميت ماضيها ومضارعها [٢٢١] .
وهي اسم فعل على لغة من ألزمها طريقة واحدة مع الواحد والمثنّى والجمع، وهي لغة أهل الحجاز، وبها جاء التّنزيل، قال تعالى:{والقَائِلِينَ لإِخْوَانِهم هَلُمَّ إِلينَا}[٢٢٢] أي: ائتوا إلينا.
هـ – إماتة الماضي والأمر دون المضارع:
(يَهِيط) مضارع لا ماضي له ولا أمر، قال ابن القطّاع:"وما زال يهيط مرة ويميط أخرى، لا ماضي ليهيط، والهياط: الصياح منه، والمياط الدّفاع "[٢٢٣] .
وفي "اللّسان "[٢٢٤] : "ما زال منذ اليوم يَهيط هيطاً، وما زال في هيط وميط وهياط ومياط؛ أي في ضجاج وشرّ وجلبة ... وقد أميت فعل الهياط" أي: أميت الفعل الماضي.
ومن هذا قولهم: ينبغي له أن يفعل كذا، قال تعالى: {ومَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا