للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عاشت الجزيرة العربية قبيل عهد الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ حالة سيئة في جميع الحالات الدينية، والعلمية، والسياسية، والأمنية، والاجتماعية والاقتصادية، والصحية [٣٧] .

فمن الناحية الدينية: فإن الجزيرة العربية قبيل عهد الملك عبد العزيز قد أصابها ما أصاب الجميع من وهن العقيدة، وتفشي الجهل، والبدع، والضلالات، وإن كان بعض أهل الجزيرة قد وفقهم الله تعالى لتصحيح العقيدة، واتباع مذهب السلف الصالح، وترك البدع والشركيات، وذلك للأثر الذي تركته دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في نفوسهم.

والحقيقة أن منطقة الحجاز كانت أسوأ حالاً من الناحية الدينية ـ حيث جلب الحُكام السابقون عن طريق اتصالهم بالسلاطين العثمانيين ـ عادات وتقاليد أعجمية لا تقرها الشريعة الإسلامية [٣٨] .

أما عن الحالة العلمية: فإنه على الرغم من بعض الحلقات والدروس العلمية في الحرمين الشريفين، وفي بعض المساجد الأخرى، وعلى الرغم من تميز وسط الجزيرة بصفاء العقيدة واستقامة المنهج، واعتماد العالم والمتعلم على كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى الرغم من وجود بقية من العلماء الذين تعلَّموا على أيدي أئمة الدعوة وتلامذتهم الذين قامت عليهم دعائم الدولة السعودية في سابق عهدها. فإنه على الرَّغم من ذلك كله، فإن هؤلاء العلماء كانوا من القلة بحيث أن بعض القرى ـ فضلاً عن البادية ـ لا يوجد بها من يقرأ أو يكتب، لانشغال الناس بكسب قوتهم، علاوة على عدم الأمن وكثرة قُطاع الطرق، وكان ذلك مانعاً للبعض من الرحلة في طلب العلم إلى المدن التي يتوافر فيها العلماء مثل مكة، والمدينة، والرياض، ونحوها.