وأختم الحديث بالتذكير بالوعيد الشديد الوارد على لسان المصطفى صلى الله عليه وسلم في حق التزوير والمزورين وشهادة الزور، حيث قال:"ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس، فقال: ألا وقول الزور، وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت" أخرجه الشيخان [١٠] .
فالتزوير بالقول أو بالفعل من الكبائر التي غلظ الشارع فيها العقوبة في الدنيا والآخرة، قال الشيخ ابن حجر الهيثمي:"لا فرق في كون شهادة الزور كبيرة بين قليل المال وكثيرة، فطماً عن هذه المفسدة القبيحة الشنيعة جدّاً التي جعلت عدلاً للشرك"[١١] ، والمزور ما زور صكاً أو غيره إلا للاستيلاء على أموال الناس بالباطل، وأكلها بدون وجه حق، وهذا كله من المظالم المحرمة في الشريعة العادلة، والتي رتب على الفاعل لها العقوبات التعزيرية الزاجرة في الدنيا والعقوبة الشديدة في الآخرة.
الخاتمة
وفي ختام هذا البحث أحب أن أنوه بأهم النتائج المستخلصة منه:
١- نشأة ولاية التوثيق في عهد النبي صلى الله عليه وسلم إذ عهد للزبير بن العوام، وجهم بن الصلت بكتابة أموال الصدقات ... "، وكان المغيرة بن شعبة والحصين بن نمير يكتبان المداينات والمعاملات".
٢- استمرت هذه الولاية من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى عصرنا الحاضر وعلى مدار كافة العصور الإسلامية الماضية، ومن هنا انعقد الإجماع على جوازها في كافة العصور الإسلامية.
٣- لابد من توفر الشروط الواجبة التي ذكرها الفقهاء في كاتب العدل عند تعيينه وتوليته لهذه الولاية الشريفة، أما الشروط المستحبة فيحسن الاتصاف بها من قبله.
٤- يستحب لكاتب الوثيقة التحلي بالآداب الإسلامية التي يندب إلى التحلي بها من كل ذي ولاية.