للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الحافظ ابن كثير في تفسير آية السؤال عن الخمر والميسر: "أما إثمهما فهو في الدين، وأما المنافع فدنيوية، من حيث أن فيها نفع البدن، وتهضيم الطعام، وإخراج الفضلات، وتشحيد بعض الأذهان، ولذة الشدة المطربة التي فيها ... وكذا بيعها والانتفاع بثمنها، وكان يقمشه بعضهم من الميسر فينفقه على نفسه أو عياله، ولكن هذه المصالح لا توازي مضرته ومفسدته الراجحة، لتعلقها بالعقل والدين".

وهكذا ينبغي أن يحرص المربي المسلم على غرس هذا المبدأ وغيره من المبادئ الإسلامية في نفوس المتعلمين وذلك من أجل تكوين منهج صالح يسير النشء والشباب المسلم في ضوئه ويستظلون بظلاله الوارفة.

(٤) - اغتنام الفرصة للتوجيه والإصلاح

فالقرآن الكريم لم يدع فرصة السؤال عن الأهلّة تذهب دون الاستفادة منها بل رأى فيها فرصة مناسبة للتوجيه نحو السلوك الصحيح ومجانبة السلوك غير السوي. فسلامة الفطرة واستقامة الخلق وصحة العقيدة تقضي بأن تؤتى الأمور من مآتيها الصحيحة فذلك أجدر أن يؤدي إلى الخير والنفع، قال تعالى: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (١) . قال الحسن البصري - رحمه الله تعالى -: "كان أقوام من أهل الجاهلية إذا أراد أحدهم سفراً وخرج من بيته يريد سفره الذي خرج له، ثم بدا له بعد خروجه أن يقيم ويدع سفره لم يدخل البيت من بابه ولكن يتسوره من قبل ظهره". فالقرآن الكريم قد اغتنم الفرصة ووجه أولئك الأقوام إلى السلوك السوي الذي ينبغي أن يسلك، وهكذا ينبغي للمربي أن يغتنم الفرص المناسبة لتوجيه المتعلمين نحو الفضائل وتنفيرهم من الرذائل، لعل ذلك أن يطبع نفوسهم بالخصال الحميدة ويقيهم الخلال المذمومة.


(١) سورة البقرة: آية: ١٨٩.