للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ب-استغاثة بالمخلوق فيما يقدر عليه ويتمكن من فعله والقيام به، فهذه ليست شركا، وذلك كاستغاثة الغريق مثلا بمن ينقذه ومنه استغاثة الاسرائيلي بموسى – عليه السلام – كما جاء في قوله: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ} (١)

٣- النهى عن اتخاذ القبور مساجد وعبادة الله عندها٠

قبل بيان ما ورد في الشرع من ذلك أرى من الضروري أن أبين أولاً صفة القبور الشرعية، حتى يتبين لنا المخالفات التي وقع فيها من اتخذوا القبور مساجد، ونفهم أيضا أهمية التحذيرات المتكررة من النبي صلى الله عليه وسلم ونهيه الشديد عن اتخاذ القبور مساجد٠

... قال ابن فارس في مادة "قبر":"القاف والباء والراء أصل صحيح يدل على غموض في شيئ وتطامن، ومن ذلك القبر قبر الميت، ويقال في اللغة: أطمأنت الأرض وتطأمنت: انخفضت (٢)

... وهذا يحدد مفهوم كلمة "قبر"في اللغة، وهو ما كان من المواضع منخفضا غير شارع ولا بارز٠

... وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم في سنته صفة القبور، وما يجب أن تكون عليه، ومن ذلك ما رواه جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما- قال:"نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر أو يقعد عليه أو يبنى عليه" ٠

وعن أبى الهياج الأسدي قال: قال لي على بن أبى طالب: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أن لا تدع تمثالاً إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته" ٠

... وقد وردت أحاديث كثيرة بهذا المعنى، وكلها تدل على تحريم البناء على القبور أو الكتابة عليها وتجصيصها، وإيقاد السرج عليها ٠

... والآن إلى ذكر بعض الأحاديث الواردة في النهى عن اتخاذ القبور مساجد والصلاة عندها، وبيان ما في ذلك من سد لذرائع الشرك٠


(١) القصص / آية: ١٥.
(٢) انظر معجم مقاييس اللغة ج٥/٤٧ولسان العرب جـ١٣ / ٢٦٨.