للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من المعلوم أنَّ الصَّحيح هو ما خلت حروفه الأصول من أحرف العلَّة الألف والياء والواو. والسَّالم ما سلم من الهمز والتَّضعيف، وهذا النَّوع من الأفعال ممَّا يكسر فيه حرف المضارعة إذا كان ماضيه على فَعِل ومضارعه على يفعَل.

وقد مرَّ بنا آنفًا تمثيل سيبويه بالفعل عَلِم الذي توافرت فيه شروط كسر حرف المضارعة منه. وجاء عند ابن جنِّي قوله: "هذه لغة تميم أن تكسر أوَّل مضارع ما ثاني ماضيه مكسور نحو: علمت تِعْلم، وأنا إعلم، وهي تِعْلم ونحن نِرْكَب " (١) .

وقد وردت شواهد في القراءات الشَّاذَّة والشّعر والنَّثر على هذا. منها: ما نقله أبو حيَّان أنَّ أبا عمرو قرأ: {وَلا تِِرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} (٢) بكسر التَّاء على لغة تميم (٣) . والفعل ركن يأتي على فعِل وفَعَل فيقال: رَكِن إلى الشَّيء ورَكَن يَرْكَنُ ويَرْكُنُ (٤) . فكسر التَّاء هنا على أنَّه من رَكِنَ يَرْكَنُ.

ومثل ذلك عهد إذ ورد في ذلك كسر حرف المضارعة في قراءة يحيى بن وثاب (٥) في قوله تعالى: {أَلَمْ إِعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ ... } (٦) .

قال الزَّمخشري: "وقرئ إعهد بكسر الهمزة، وباب فَعِل كلّه يجوز في حروف مضارعته الكسر إلاَّ في الياء، وأعهد بكسر الهاء.." (٧) .


(١) المحتسب ١ / ٣٣٠.
(٢) هود: ١١٣.
(٣) البحر المحيط ٥ / ٢٦٩.
(٤) لسان العرب (ركن) .
(٥) يحيى بن وثَّاب الأسدي الكوفي القارئ العابد، تابعيّ ثقة مقرئ الكوفة. توفي سنة ثلاث ومائة. معرفة القراء الكبار ١ / ٦٤، ٦٥.
(٦) يس: ٦.
(٧) الكشَّاف ٣ / ٣٢٧.