للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جاء في كتاب مقارنة الأديان للدكتور أحمد شلبي صفحة ٧٠ ما نصه مع تغيير الألفاظ الركيكة: ((إن أعلى ما يرغب فيه البرهمي هو الفناء في برهما (وهو إله الآلهة عندهم) والفناء فيه، والطريق الموصل إلى هذا الغرض هو الزهد والتقشف المفرط بالصوم وأرق الليل وتعذيب النفس وحرمانها من كل ما تشتهيه وتحميل المرء نفسه أنواع البلاء، ويبدو دائما كثير الهموم والخوف والتشاؤم وهو لا يتمنى الموت لأن الموت ينقله إلى دورة جديدة من دورات حياته كما تقدم في ذكر تناسخ الأرواح بل يرجو لنفسه الفناء في برهما، ومن ذلك حفلت حياة نساك الهند الوثنيون بالبؤس ومحاربة الملاذ بترك الاكتساب والاكتفاء بسؤال الناس عند الضرورة القصوى، وفي كتبهم المقدسة عندهم ما معناه أن الذي تغلب على نفسه فقد تغلب على حواسه التي تقوده إلى الشر، والنفس لا تشبع أبدا بل يزداد جشعها بعد أن تنال مشتهاها، فالذي أوتي كل ما يشتهي وأعطى نفسه هواها فقد أهلكها وأشقاها، أما الذي ترك كل ما تشتهيه نفسه، وتخلى عن الدنيا فقد أنقذ نفسه وقادها إلى السعادة، على طالب العلم أن يهذب نفسه بأن يتجنب الحلوى واللحوم والروائح الطيبة والنساء، وكذلك يجب عليه ألا يدلك جسده بما له رائحة طيبة، ولا يكتحل ولا يلبس حذاء ولا يتظلل من الشمس، وعليه أن لا يهتم برزقه بل يحصل رزقه بسؤال الناس، وعندما تدخل في الشيخوخة عليك بالعزلة وعدم قرب النساء والأهل والإقامة في الغابة، وإذا أقمت في الغابة فليس لك أن تقص شعرك ولحيتك وشاربك ولا أن تقلم أظفارك، وليكن طعامك مما تنبته الأرض وتثمره الأشجار، ولا تقطف الثمر بيدك بل كل منه ما سقط من الشجرة، وعليك بالصوم تصوم يوما وتفطر يوما، وإياك واللحم والخمر عوّد نفسك على تقلبات الفصول فاجلس تحت الشمس المحرقة، وابق أيام المطر تحت السماء، وارتد الرداء المبلل في الشتاء، لا تفكر في الراحة البدنية، اجتنب سائر الملذات، نم على الأرض ولا تأنس بالمكان