وياليتنا وقفنا عند هذا، بل رحنا نتخذ من صنعة الله هذه تفرقة وتمييزا، ووقع في هذه الفتنة الوافدة مسلمون كثيرون في جهات وأماكن مختلفة أقولها وأنا متأكد منها، ألسنا هائمين إعجاباً بتقليد الأجانب في كل شيء وبدون استثناء؟! حتى ولو عصينا صريح ما في كتاب الله، لما قدم إلينا سبحانه تغير ألواننا على أنه آية من آياته لا يفعلها سواه، لنجعلها من ينابيع الإيمان، المزكية للنفس الفاهمة المدركة، ففي سورة الروم، أسَمِعْنَا؟ في سورة الروم اسم أمة غير عربية سمى الله بها سورة من سور كتابه يقول سبحانه في هذه السورة {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِلْعَالِمِينَ} ، فالآية دليل على التحليل الواقع الذي أسلفته، وأن اختلاف اللهجة واللون بما لا يحصيه غيره، هو خلق له مباشر، وليس بسبب كوني من حرارة أو برودة أو بيئة، ولو شاء لسبب فهو لم يمنع، فالتقدير المجمل للآية هو: ومن دلائل وجوده وقدرته خلق السموات والأرض، وخلق اختلاف لغاتكم وألوان وجوهكم، ومع أن اللغة واللون داخلان في خلق السموات والأرض، لكن اختصتا وحدهما بعبارة منفردة ليلفت سبحانه أنظار عباده إلى عِظَمِ آياته، والعالمين منهم خاصة كما ذكرت الآية، والتي من أعجبها ليس فقط اللغة واللون وإنما اختلافهما، وذكرت كلمة:{إِنَّ فِي ذَلِك} مرتين، في أول الآية وفي آخرها، ولكنها لا تفيد إلا العالمين، الذين علموا أمر الوجود والموجد سبحانه، فما الحال إذا قدم الله إلى خلقه ما ذكرته الآية ليميزوا بها الحقيقة، فعكسوا كما يقولون، وانطلقوا يميّزون بين الناس بلون الجلد، فإن كان أهل النكران مصرين على تسفلّهم هذا الذي ابتدعوه فوق كفرهم بهذه الآيات، ومن في ذلك اتبعهم، فنحن عندنا لهم أيضا تمييز يوم يقال لهم {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ} ويلون الوجوه كذلك، فعندنا لوجوههم