وإما أن تعدد الأحكام ولا ينعقد الإجماع على كل منها بل يتحزب كل فريق لرأي يخالف الآخر، وهذا سمي بالإجماع المركب.
مخالفة الإجماع البسيط:
إن الحكم المجمع عليه من علماء عصر يكتسب صفة القطعية، ويكون ملزما لجميع أفراد الأمة يجب عليهم جميعا اتباعه والعمل به، ولا يجوز لأحدهم مهما كان مركزه الديني العمل بخلافه. وكذلك يكون هذا الحكم ملزما لأهل العصور التالية مجتهدين وغير مجتهدين، فلا يحق لأحدهم ولا لهم مجتمعين نقض إجماع من سبقهم أو العمل بخلافه، وإلا كانوا تاركين للحق، متبعين للضلال، {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلا الضَّلال} قولا واحدا عند جميع المذاهب الإسلامية، لأن الأمة لا تجتمع عل خطأ. وعلماء عصر كل الأمة بالنسبة على ذلك الحكم.
قال الآمدي:"إذا اتفق إجماع أمة عصر من الأعصار على حكم حادثة، فهم كل الأمة بالنسبة إلى تلك المسألة وتجب عصمتهم في ذلك عن الخطأ"[٥٣] .
وكذلك يكون الإجماع ملزما لمجمعي العصر أنفسهم، فلا يجوز لأحدهم الرجوع عن رأيه وموافقته، واشترط بعض الأعلام [٥٤] انقراض عصر المجمعين، فيما إذا كان مستند الإجماع دليلا ظنيا، لا دليلا قطعيا، حتى يكون الإجماع ملزما للجميع. وهو رأي مرجوح لأن الإجماع يُكسِب الحكم القطعية سواء أكان مستنده قبل انعقاد الإجماع دليلا ظنيا أم قطعيا.
قال الغزالي:"إذا اتفقت كلمة الأمة ولو في لحظة انعقد الإجماع، ووجبت عصمتهم عن الخطأ، وقال قوم: لا بد من انقراض العصر وموت الجميع وهذا فاسد، لأن الحجة في اتفاقهم لا في موتهم"[٥٥] .
مخالفة الإجماع المركب:-
إذا انعقد إجماع مجتهدي عصر على حكمين مختلفين أو أكثر لحادثة. فهل يكون ذلك إجماعا منهم على نفي ما عداها، فلا يجوز لمن بعدهم إحداث حكم سواها، أو لا يكون إجماعا على نفي ما عداها فيجوز إحداث حكم آخر؟.