وكان الاستعمار الغربي يهدف من وراء السيطرة على أوطان المسلمين إلى استغلال هذه الأوطان أرضا وبشرا، ثم إلى محاربة العقيدة وإجلائها من قلوب المسلمين، ومحاولة ما عجزت عنه الحروب الصليبية من قبل، وذلك لما يعلمه المستعمرون - بواسطة أعوانهم المستشرقين - من خطر الإسلام على خططهم التي يرسمونها على أساس قتل المعاني الإنسانية في الأوطان المستعمرة حتى تموت مشاعر الناس هناك؛ فلا يحاول أحد أن يثور في وجه المستعمرين له المستغلين لأرضه وجهده، الأمر الذي لا يصبر عليه المسلم الذي يستظلّ براية التوحيد؛ فلا يخفض رأسه إلا لله ولا يحني قامته لغير الله، وهذا من شأنه أن يبعث في نفسه العزة والكرامة وإباء الضيم؛ ولهذا عمل المستعمرون - بواسطة المستشرقين - على محاربة الإسلام حرباً خفية بعد أن حاربوا المسلمين بالحديد والنار.
وظهرت هذه الحرب في صورة تجنيد جيوش من المبشّرين بقيادة المستشرقين، ودفع هؤلاء المبشرين إلى بلاد المسلمين، وحمايتهم بجيوش المستعمرين، والتمكين لهم من التغلغل في المدن والقرى، وإمدادهم بالمال؛ لقيموا المستشفيات والملاجئ والمدارس ليتخذوا منها شباكا لتضليل الناس، مختفين في زي المبعوثين إليهم لإنقاذهم من المرض والفقر والجهل باسم المسيح.