ينبغي لك _ ولكل قارئ _ أن تجيد القراءة بعينيك دون أن تحرك لسانك وشفتيك، لأن القراءة بتحريك اللسان والشفة قراءة بطيئة جدا لا تجاوز مئة كلمة في الدقيقة إلا قليلا، على حين يستطيع القارئ الجيد المدرب أن يقرأ بعينيه دون لسانه وشفتيه ما يزيد على أربع مئة كلمة في الدقيقة الواحدة. وشتان ما بين القراءتين في الوقت والجهد.
وينبغي لك _ ولكل باحث _ أن تكون قارئا ناقدا تستطيع أن تتبين الفكرة الرئيسة في كل فقرة وفي كل فصل، وأن تتبين كذلك ما ينطوي تحت الفكرة الرئيسة من فروع ذات قيمة.
وينبغي لك إذا أردت أن تكون باحثا مجيدا أن تتقن قراءة المراجع، فلا تقرأ ما بين الدفتين كلمة كلمة وسطرا سطرا، وإنما تتبع الخطوات الأربع التالية:
الخطوة الأولى في قراءة المراجع أن تقرأ مقدمته، ففي هذه المقدمة يذكر المؤلف في أكثر الأحيان الغرض من تأليفه، ويعطي صورة مجملة عما جاء فيه، ويبين الطريقة التي اتبعها في تأليف الكتاب.
والخطوة الثانية في قراءة المرجع أن تنتقل من المقدمة إلى الفهرس، وفهارس كثير من الكتب الموسعة تذكر الموضوع الرئيسي وتذكر ما ينطوي تحته من مسائل فرعية. اقرأ الفهرس أكثر من مرة قراءة دقيقة واعية، وكلما مررت بمسألة تتصل ببحثك كتبتها حالا في مكان مخصوص بها في إضبارة المعلومات، وكتبت البيانات الدالة عليها من رقم الصفحة والجزء واسم الكتاب والمؤلف _ لتعود إليها فيما بعد فتقرأها بأناة ودقة، وإذا انتهيت من قراءة الفهرس وكتابة البيانات الدالة على ما فيه من مسائل تتصل ببحثك خطوت الخطوة الثالثة وهي قراءة التصفح.
وقراءة التصفح تعني أن تقلب أوراق الكتاب كلها ورقة ورقة، وأن تنظر إلى كل صفحة من صفحاته نظرة دقيقة حادة كنظرة الصقر الذي يطير سابحا في السماء ومع ذلك لا يخطئ فريسته التي تدب على وجه الأرض.