للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو شعبي ومعنى فلسفي خاص بالحكماء، وادعى أن كلا المعنيين صحيح، ومراد للشارع، وسبق أن صرح - فيما نقلنا عنه - أن مثل هذا الادعاء تغيير للشريعة وإفساد على الناس، ويعد ابن رشد علماء الشريعة من العوام أو الجمهور ولا يطلق لقب العلماء إلا على الفلاسفة الذين يسمونهم حكماء أحياناً.

ولست أدري كيف غاب عن هذا الفيلسوف الكبير أن الحق لا يتعدد، بل هو واحد بلا نزاع، فماذا بعد الحق إلا الضلال؟!!.

يذكرني موقف ابن رشد هذا قول الشاعر العربي:

عار عليك إذا فعلت عظيم

لا تنه عن خلق وتأتي مثله

بل ما فعله ابن رشد أقبح مما فعله علماء الكلام في هذا المقام بالذات, قبل أن نضيف سخريته من علماء الشريعة والاستخفاف بهم حيث يعدهم من العوام.

وجود الله عند ابن رشد

لم أعثر فيما قرأت لابن رشد على رأي صريح ينكر فيه وجود الله الخالق المصور المبدع بل على العكس من ذلك، نراه يرسم معالم الطريق لمعرفة الله تعالى، ويقيم الأدلة العقلية على وجود الله وينبه على الآيات الكونية الأفقية والنفسية بصورة واضحة ولكنه كما قسم الناس في مفهوم الشريعة - كما رأينا آنفاً - يقسمهم مرة أخرى في مجال الاستدلال بالآيات الكونية على وجود الله فيقول: "إن الأدلة على وجود الله الصانع تنحصر في هذين الجنسين:

١ – دلالة العناية.

٢ – دلالة الاختراع.

يقوم دليل العناية على أن يفكر الإنسان جيداً وينظر فيما يحيط به من حماية وعناية ربانية ونعم لا تعد ولا تحصى، وقد خلق الله من أجله أكثر الموجودات، بل جميع ما في السموات وما في الأرض، وذلك في قوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ} (الجاثية:١٣) .