ونحن المصدقين بها نوعان: نوع يعيش في همّ هذا الذي سمعه عنها الآن، فشد وجدانه ببشاعة الساعة لا ينفك، فأخضع كل جارحة يُخدِّمها لهذا اليوم، فيكفى بذلك يوما هو أشد من يوم الساعة، يوم يقوم الناس لرب العالمين قائلين:{يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} ؟ فكان أن وقوا شر ذلك اليوم، ودخلوها آمنين.
النوع الثاني من المصدقين، أو القائلين بأنهم مصدقون بيوم الساعة وما انشغلوا إلا بيومهم وبالساعة التي، هم فيها وبالساعة الذهبية التي تلتف حول المعصم بالسوار الذهب، يعرفون بها أوقات الحفلات ومواعيد عرض الأفلام في (السينما) وفي (التلفزيون) وأوقات مباريات الكرة والخروج إلى النزهات، ولو في أوقات الصلاة وأيام الجمع، ويعرفون بها أوقات أخرى يتفق عليها؛ وذلك لأنهم لا يعرفون مواعيد الصلاة ولا متى الجمعة، لما ألهتهم ساعة لهوهم عن الساعة التي تذهل المرضعة، وتذهب الفكر بغير سكر، بل لقد أفاقوا كل من غفلتهم لما سمعوا جولة من التهجم المستمر على عقائدنا، فقد صدقوا المرجفين لما قالوا: إن عالمة غربية تشتغل بالبحث الكوني، استطاعت (بالعلم الحديث) أن تحدد وقوع الساعة باليوم والدقيقة، حدث ذلك منذ قريب، وبعضكم يدركه معي، لما تبرعت بإذاعة هذا الفحش إذاعة وصحافة أمتنا الإسلامية، متجاهلة بذلك قول الله تعالى:{هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} ، وأعمى الناشرون شهوة الإثارة عن تسفيه الخبر، أو حتى التغاضي عن النشر، ثم كان شيئا مضحكا - وشر البلاء ما يضحك، كما يقولون - عندما أفاق ساعة الدنيا على خبر الساعة الإفك، أخذوا ما يودعون بعضهم بالتقبيل والعناق والبكاء، كما ذكرت بعد ذلك الأنباء، بل حدث هذا هنا في المدينة المنورة، وإن كان على قليل لكن ما كان يجوز ذلك أبدا في بلد خير الموحدين صلى الله عليه وسلم، وعلى أي حال فالجهل موجود في كل آن ومكان وإن تفاوتت