وقد أوحى الله تبارك وتعالى إلى أمهات بعض أنبيائه لأمور تتعلق بولادة هؤلاء الأنبياء؛ أو بالحفاظ على حياتهم، وسكنا وربطا على قلوب الأمهات، اقرأ معي قول الله تبارك وتعالى:{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيّاً قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيّاً} ١٦-١٩: مريم، واقرأ قوله تعالى:{إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} ٤٥:آل عمران.. فهذه آيات كريمة صريحة في الوحي إلى مريم عليها السلام وفي رسالة جبريل عليه السلام إليها وبشارة الملائكة لها.
أما أم موسى عليه السلام:
فاقرأ معي قوله تعالى:{وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} ٧:القصص؛ فهذه الآية الكريمة التي جمعت لأم موسى أمرين:{أَرْضِعِيهِ} ، و {أَلْقِيهِ} ونهيين: وَ {لا تَخَافِي} ، و {لا تَحْزَنِي} وخبرين وبشارتين: {إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} وبعيد أن يكون هذا كله بغير وحي قولي، وإن مال لهذا البعيد بعض المفسرين يقول ابن كثير [١٧]"فلما ضاقت به ذرعا ألهمت في سرها؛ وألقي في خلدها؛ ونفث في روعها.." ويقول أبو مسعود [١٨] عند قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى} : بإلهام أو رؤيا" ...