وقد أنكر قوم لم يتبحروا في العلوم قول الحافظ من أئمتنا، وأولى المعرفة من أسلافنا الراوي ضعيف، وفلانا غير ثقة، وما أشبه هذا من الكلام ورأوا في ذلك غيبة لمن قيل فيه، إن كان الأمر على ما ذكره القائل، وإن كان الأمر على خلافه فهو بهتان.. واحتجوا بالحديث الذي رواه الخطيب بسنده عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل ما الغيبة فقال:"ذكرك أخاك بما يكره"قال: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال:"إن كان في أخيك ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول ففد بهته.." وروى محمد بن حبان بسنده عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما الغيبة؟ "الحديث.. قال أبو حاتم:"احتج بهذا ممن ليس الحديث صناعتهم، وزعموا أن قول أئمتنا فلان ليس بشيء، وفلان ضعيف، وما يشبه هذا من المقال غيبة إن كان فيهم ما قيل، وإلا فهو بهتان عظيم"[٢٧] ثم قال: "إن هذا ليس بالغيبة المنهي عنها وذلك أن المسلمين قاطبة ليس بينهم خلاف أن الخبر لا يجب أن يسمع عند الاحتجاج إلا من الصدوق العاقل، فكان في إجماعهم هذا دليل على إباحة جرح من لم يكن يصدق في الرواية عن أن السنة تصرح عن المصطفى صلى الله عليه وسلم بضد ما انتحل مخالفونا فيه.."وعن ابن حبان الخبر الدال على صحة ما ذهب إليه.. قال حدثنا الحسن ابن سفيان الشيباني قال أنبانا روح بن القاسم عن محمد بن المنكدر عن عروة عن عائشة قالت: أقبل رجل فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بئس أخو العشيرة، أو قال ابن العشيرة.."فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم كلمه وانبسط إليه فلما ولى قالت عائشة يا رسول الله: "لما رأيته قلت.. ولما جاء كلمته وانبسطت إليه"، فقال يا عائشة:"إن شر أمتي عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء فحشه"قال أبو حاتم: وفي هذا الخبر دليل على إخبار الرجل بما في الرجل على